الاثنين، 24 فبراير 2014

رسالة آداب سلوك المريد الحبيـب عبدالله بن علوي الحداد الحضرمي الشافعي





بسم الله الرحمن الرحيم


سلسلة كتب الإمام الحداد (7)




رسالة
آداب سلوك المريد



للإمام شيخ الإسلام قطب الدعوة والإرشاد
الحبيـب عبدالله بن علوي الحداد الحضرمي الشافعي
رحمه الله تعالى


















بسم الله الرحمن الرحيم
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

الحمدُ لله الذي يـَقـِذفُ إذا شاء في قلوب المُريدين لـَوْعَة الإرادة، فيُزعِـجُهُم إلى سُلوك سَبيل السّعادة، التي هي الإيمانُ والعِبادة، وَمَحْوُ كلّ رَسمٍ وعَادة، و صلَّى الله و سلـَّم على سيـِّدنا مُحمَّدٍ سَيِّد أهلِ السِّيادة، وعلى آله و صحبهِ الـسَّادة الـقـَادة، أمّا بعدُ:
فـَقد قال تعالى وهُو أصدقُ القائلين (مَنْ كـَانَ يـُرِيدُ العَاجـِلـَة عـَجـَّـلْـنا لـَهُ فِيها ما نـَشاءُ لـِمَنْ نـُريدُ ثـُمَّ جـَعـَلـْنا لـَهُ جَهنـَّمَ يـَصْلاها مـَذمُوماً مَدْحوراً وَمَنْ أرادَ الآخِرَةَ وَسَعى لـَها سَعيَها وَهُوَ مُؤمنٌ فـَأولئكَ كانَ سَعْيُهُم مَشْكوراً).
والعاجِلة هي الدنيا، فإذا كانَ المُريدُ لها فضلاً عن السّاعي لِطلبها مَصيرُهُ إلى النار مَعَ الـَّلوم و الصّغار، فما أجدَرَ العاقِلَ بالإعراضِ عنها، والاِحتراسِ مِنها، و الآخرةُ هي الجنة. ولا يَكفي في حُصُولِ الفـوزِ بها الإرادَة فقط بَل هي معَ الإيمان والعَملِ الصّالح المُشار إليه بِقوله تعالى (وَسَعى لـَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤمِنٌ)، والـسَّعي المَشكور هو العملُ المَقبول المُستوجِبُ صاحبُه المدحَ و الثـناء و الثّواب العظيم الذي لا ينقـَضي ولا يفنى بـِفضل الله ورَحمته، و الخاسِرُ مِن كلِّ وجهٍ مِن المُريدين للدنيا الذي يتحقـَّقُ في حقـِّه الوعيدُ المَذكور في الآية هو الذّي يُريد الدنيا إرادةً ينسى في جَنبـِها الآخرة فلا يـُؤمن بها، أو يـُؤمن و لا يعملُ لها. فالأوَّل كافرٌ خالدٌ في النار، و الثاني فاسقٌ موسومٌ بِالخَسار.
وقال رسُولِ الله صلّى الله عليه وسلـّم "إنـّما الأعمالُ بـِالنـِّياتِ وإنـِّما لِكُلِّ اِمرِئٍ ما نـَوى فـَمَن كانـَت هِجرَتـُهُ إلى الله ورَسُولِه فـَهجرتـُه إلى الله ورَسولِه وَمَن كانت هِجرَتـُه إلى دُنيا يـُصيبُها أو امرأةٍ يـَنكِحُها فـَهجرتـَه  إلى ما هاجَرَ إليه".
أَخبَر صلّى الله عليه و سلَّم أنـَّه لا عملَ إلا عن نـيّة، وأنَّ الإنسان بحسبِ ما نوى يـُثاب ويـُجزى إن خيراً فخير، وإن شرّاً فـشر، فمن حسنت نيّـتهُ حسن عمله لا محالة، ومن خَبُثت نِـيّته خَـبُثَ عمله لا محالة، وإن كان في الصورة طـيّباً كالذي يعمل الصّالحات تصنـّعاً للمخلوقين.
وأخبرَ عليه الصَّلاة والسلام أنّ من عمل لله على وِفقِ المُتابعة لِرسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم كان ثوابُه على الله وكان مُنـقلـبه  إِلى رِضوانِ الله وَجنّته، في جِوارِ الله وخيرته، وأنَّ مَن قَصدَ غير الله وعمل لِغيرِ الله كان ثوابُه وجزاؤُه عند من تصنَّعَ له و راءى له مِمَّـن لا يملك له ولا لِنفسه ضرّاً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نـُشوراً.
وخَصَّ الهِجرةَ عليه الصّلاةُ والسَّلام مِن بينِ سَائِرِ الأَعمال تَنبِيهاً على الكُلِّ بِالبعضِ لأنَّ مِن المعلومِ عند أُولي الأَفهام أنَّ الإِخبارَ ليسَ خاصّاً بالهجرَةِ بل  هو عامٌّ في جميعِ شرائِعِ الإِسلام.
ثمّ أًقولُ : اِعلَم أَيـُّها الـمُريدُ الطالِبُ، والمتوجه الرَّاغبُ أنـَّك حين سأَلتَـني أَن أَبْعثَ إِليكَ بِشيءٍ  مِنَ الكلامِ المنسوبِ إليَّ لم يـَحضُرني منه ما أَراهُ مُناسباً لما أنتَ بِسبيلهِ. وَقَد رأيْتُ أَنْ أُقَيـِّدَ فُصُولاً وَجِيزةً تَشتملُ على شيءٍ مِن آدابِ الإِرادةِ بِعبارةٍ سَلِسةٍ، والله أسألُ أن ينـفعني و إيَّـاك وسائِر الإِخوانِ بما يُوردُهُ عليَّ مِنْ ذَلِك ويُوصِلُهُ إِليَّ مِمَّا هُنالِك، فهو حَسبي ونِعمَ الوَكيلُ.

_





فـصـلٌ

          اِعلم أنّ أوّل الطريق باعثٌ قويّ يُقذف في قلب العبد يُزعجه ويُقلقه ويـَحثّه على الإقبال على الله والدّارِ الآخرة، وعلى الإعراض عن الدُّنيا وعمّا الـخَلْـقُ مشغولون به مِن  عَمارَتِـها وجَمعِها والتَّـمَتُّع بشهواتِها والاغتِرارِ بِزخَارِفها.
          وهذا الباعِثُ مِن جنود الله الباطِنة، وهو مِن نَفحاتِ العِناية وأعلامِ الهِدايَة، وكثيراً ما يُفتَح بهِ على العبْدِ عِند التَخْويف والتّرغيب والتّشويق، وعِند النّظَرِ إلى أهل الله تعالى والنّظَرِ منهم، وقد يقعُ بِدون سببٍ.
          والتّعرُّضُ للنَّفحات مأمورٌ به ومُرغَّبٌ فيه والانتِظار والاِرتِقاب بدون التَّعرُّض ولزوم الباب حُمقٌ وغَباوةٌ. كيف و قد قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: "إنًّ لِرَبّكم في أيّام دهركُم نفحاتٍ ألاَ فتَعـرّضوا لها".
          ومَن أكرَمه الله بهذا الباعِث الشَّريف فَليَعرِف قَدرَهُ المُنيف، وَلْيَعلَم أنـّهُ مِن أعظَم نِعَم الله تعَالى عليه التي لا يُقدّرُ قَدرُها ولا يُـبْلَغُ شُكرُها فَلْـيُبالِغ في شُكر الله تعالى على ما منَحه وأوْلاهُ، وخصّه به مِن بين أشكالِه وأقرانِه فَكم مِن مُسلمٍ بلَغَ عُمرُه ثمانين سنَةً وأكثر لم يجد هذا الباعِث ولم يطْرُقْهُ يوماً مِن الدّهر.
          وعلى الـمُريد أن يجتهد في تَقْويَته وحِفظِه وإجابَته-أعني هذا الباعِث-فَتقوِيَته بالذّكر لله، والفِكر فيما عِند الله، والمُجالسة لأهل الله، وحِفظِه بالبُعد عَن مُجالسة المحجوبين والإعراضِ عَن وَسوَسة الشياطين، وإجابَتهِ بأن يُبادر بالإنابة إلى الله تعالى، ويَصْدُقَ في الإقبالِ على الله، ولا يَتَوَانى ولا يُسوِّف ولا يَتَباطَأ ولا يُؤَخِّر وقد أمكنَتْه الفُرصةُ فلْيَنتهِزها، وفُتِح له الباب فلْيَدخُل، ودَعاه الدّاعي فليُسرع وَلْيحذَر مِن غدٍ بعد غدٍ فإنّ ذلك مِن عمَل الشّيطان، ولْيُقبل ولا يَتَثبّط ولا يتَعلَّل بِعَدم الفَراغ وعدم الصّلاحِيّة.
          قال أبو الرّبيع رحِمه الله: سِيروا إلى الله عُرْجاً وَمَكَاسِير ولا تَنتَظروا الصِّحة فإنّ انتظار الصِّحة بَطالَةٌ. وقال ابنُ عطاءِ الله في الحِكم: إحالَتُك العَمَل على وُجود الفراغِ مِن رُعوناتِ النّفوس.

_


















فـصـلٌ

          وَأوَّلُ شيءٍ يَبْدَأ به المُريدُ في طريق الله تصحيحُ التَّوبة إلى الله تعالى مِن جميع الذنوب وإنْ كان عَليه شيءٌ مِن المَظالِم لأحدٍ مِن الخَلق فَليُبادر بِأدائها إلى أربابها إن أمكن وإلا فيَطلُب الإحلال منهم، فإنّ الذي تكون ذمّـته مُرتَهنة بِحقوق الخَلق لا يُمكنه السّيرُ إلى الحقّ.
          وشَرط صِحّة التّوبة صِدق النّدم على الذنوب معَ صِحّة العَزم على تَرْك العَوْد إليها مُدّة العُمر، ومَن تابَ عَن شيءٍ مِن الذنوب وهو مُصرٌّ عليه أو عازمٌ على العَوْد إليه فلا توبة له.
          وَليكُن المُريد على الدوام في غايةٍ مِن الاِعتراف بالتَقصير عن القيامِ بما يجبُ عليه مِن حقِّ ربِّه، ومتى حزِنَ على تقْصيره وانكَسر قَلبه مِن أجله فليَعـلم أنَّ الله عندَهُ إذ يقول سُبحانه: أنا عِندَ المُنكَسِرةِ قُلُوبهم مِن أجلي.
          وعلى المُريد أن يَحتَرِز مِن أصغَر الذنوب فضلاً عن أكبرها أشدّ مِن اِحترازِهِ مِن تَناولِ السُّم القاتِل، ويكون خوفُه لو ارْتكبَ شيئاً منها أعظم من خَوفه لو أكلَ السُّم، وذلكَ لأنّ المعاصي تعمل في  القلوب عمَل السُّم في الأجسام، والقلبُ أعزُّ على المُؤمن مِن جِسمه بل رأس مالِ المُريد حِفظُ قلبه وعمارَتهُ. والجِسمُ غرضٌ للآفاتِ وعمّا قريبٍ يُتلَفُ بِالموتِ، وليس في ذهابِه إلا مُفارقةُ الدُّنيا النَّـكِدة النَّـغِصة وأمّا القلبُ إن تلِف فقد تلِفت الآخِرة فإنه لا ينجو مِن سخطِ الله ويفوزُ بِرِضوانه وثَوابه إلا مَن أتى الله بقلبٍ سليمٍ.
_




فـصـلٌ

وعلى المُريد أن يَجتهِد في حفظِ قَلبه مِن الوَساوِس والآفات والخواطِر الرَّدِيَّة، وليُـقِم على بابِ قَلبه حاجِباً مِن المُراقبة يمنعُها مِن الدخولِ إليه فإنها إن دَخَلته أفسَدتهُ، ويَعـسُر بعد ذلك إخراجها مِنه.
وَليُبالِغ في تـَنقِية قَلبه الذي هو مَوضِعُ نَظَر ربِّه مِن المَيل إلى شَـهوات الدنيا، ومِن الحِقد والغِلِّ والغِشِّ لأحدٍ مِن المسلمين، ومِن الظـّـنّ  السوء بأحدٍ منهم، وليكُن ناصحاً لهم رحيماً بهم مُشفقاً عليهم، مُعتقداً الخيرَ فيهم، يُحبُّ لهم ما يُحبُّ لنفسه مِن الخير، ويكرهُ لهم ما يكرهُ لِنفسه من الشر.
وَلتـَعْلم أيُّـها المُريد أنّ لِلقلبِ مَعاصي هِيَ أفحشُ وأقبحُ وأخبثُ مِن معَاصي الجوارِح ولا يَصلُح القلب لِنـزول معرفـَة الله  ومحبـَّـته تعالى إلا بعد التـّخلي عنها و التـّخلُّص منها.
فمِن أفحشِها الكِبر و الرّياء والحسد. فالكِبر يدُ لُّ مِن صاحِبِه على غايةِ الحماقَة، ونهاية الجهالة والغباوةِ، وكيف يليقُ التكـَبُّر مِـمّن يعلم أنـّه مخلوقٌ مِن نُطفةٍ مَذِرةٍ  وعلى القـُرب يصِير جِيفةً قذِرةً.  وإن كان عِنده شيءٌ مِن الفضَائـِل والمحاسِن فذلك مِن فـَضل الله وصُنعه، ليس له فيه قـُدرةٌ  ولا في تحصـيله حَولٌ ولا قوةٌ، أوَلا يخشى إذا تكبـّر على عبادِ الله بما آتاه الله مِن فـَضله أن يَسلُبـَه ما أعطاهُ بـِسوء أدبـِه ومُنازعتِه لِربـِّه في وَصفِه؟ لأن الكـِبر مِن صِفات الله الجـبّار المـُتَـكبّر.
وأمـّا الرِّياء فيَدُل على خُـلُوِّ قلبِ المـُرائي مِن عظمةِ الله وإجلاله لأنـّه يتصَنَّع و يتـزيَّـن للمخلوقين ولا يقنع بـِعلمِ الله ربِّ العالمين. ومَن عمـِل الصَّالِحات وأحبَّ أن يعرِفه النـّاس بذلك لِيـُعـظِّموه ويصطنِعوا إليه المعروف فهو مُراءٍ جاهـِلٌ راغـِبٌ في الدنيا، لأن الزّاهد مَن لو أقبَـل النـّاس عليه بِالتعظيم وبَذْلِ الأموالِ لكان يُعرض عن ذلك ويَكرهـُه، وهذا يطلـُبَ الدُّنيا بـِعملِ الآخـِرة فمن أجهلُ مِنهُ؟ وإذا لم يَقدِرْ على الزُّهدِ في الدُّنيا فَيَنبـغي لـَهُ أَن يَطلـُبَ الدُّنيا مِن المالِك لها، وهُوَ الله فإنَّ قـُلوبَ الخـَلائـِق بـِيَدهِ يـُقبـِلُ بها على مَن أقبلَ عليهِ و يـُسخـِّرها لهُ فِيما يشاءُ.
و أَمَّا الحَسَدُ فَهُوَ مُعاداةٌ للهِ ظاهِرةٌ، ومُنازعَةٌ له في مُلكِهِ بيِّنةٌ لأنـَّهُ سُبحانهُ إذا أَنعمَ على بعضِ عِبادِهِ بِنِعمةٍ فلا شكَّ أنـَّهُ مُريدٌ لِذلكَ ومُختارٌ لهُ إذْ لا مُكرِهَ لهُ تعالى، فإذا أرادَ العبْدُ خِلافَ ما أرادَ مَوْلاهُ فقد أساءَ الأدَبَ، واسْتَوجبَ العَطبَ.
ثُمَّ إنَّ الحسَدَ قد يَكونُ على أمُورِ الدُّنيا كالجاهِ والمالِ، وهيَ أصغَرُ مِن أن يُحسدَ عليها بَل ينبغي لكَ أن تَرحمَ مَن اِبتُلِيَ  بِها وتَحمَدَ اللهَ الذي عافاكَ مِنها، وقَد يكونُ على أمورِ الآخرةِ كالعِلمِ والصَّلاحِ.
وقَبيحٌ بِالمُريدِ أن يَحسدَ مَن وافَقَـهُ على طَريقِهِ، وعَاونَهُ على أمرِهِ، بل ينبَغي لهُ أن يَفرحَ بهِ لأنَّـهُ صارَ عَوْناً له وجِنساً يتقَوَّى بِهِ، والمؤمِنُ كثيرٌ بِأخيهِ، بل الذي يَنبغي لِلمُريدِ أن يُحِبَّ بِباطِنهِ ويَجتهِدَ بِظاهِرهِ في جَمْعِ النَّاسِ على طريقِ الله والاِشتِغالِ بِطاعتِه ولا يُبالي أَفضلوهُ أم فَضَلهُم فإنَّ ذلِكَ رِزقٌ مِنَ الله وهُو سُبحانَهُ وتَعالى يَختصُّ بِرحمتِهِ مَن يَشاءُ.
وفي القَلبِ أخلاقٌ كثيرةٌ مذمومةٌ، لم نذكُرها حِرصاً على الإيجازِ، وقد نـبَّهنا على أمّهاتِها، وأمُّ الجميعِ وأصلها ومَغرِسُها حُبُّ الدُّنيا فَحُبُّها رأسُ كُلِّ خطيئةٍ كما وَرَد، وإذا سَلِم القلبُ مِنهُ فقد صَلحَ وصفا، وتَنوَّر وطابَ، وتأهَّلَ لِوارِداتِ الأنوارِ وصَلُح لِلمُكاشفةِ بِالأسرارِ.


_






فـصـل

وعلى المُريد أن يَجتهِد في كَفِّ جَوارِحِهِ عنِ المَعاصي والآثامِ، ولا يُحرِّكَ شيئاً مِنها إلاّ في طاعةٍ، ولا يَعملُ بِها إلا شَيئاً يعودُ عليهِ نَفعُهُ في الآخِرةِ.
وَلْيُبالِغ في حِفظِ اللّسانِ فإنّ جِرمَهُ صَغيرٌ وَجُرمُهُ كبيرٌ، فَلْيكُفَّهُ عنِ الكذبِ والغيبةِ وسائرِ الكلامِ المحظورِ، وَلْيحتَرِز مِن الكلامِ الفاحِشِ، ومِنَ الخَوضِ فيما لا يعنيهِ، وإن لم يَكُن مُحَرَّماً فإنـّه يُقـسِّي القلبَ، ويكونُ فيهِ ضياعُ الوقتِ، بل يَنبغي لِلمُريدِ أن لا يُحرّكَ لِسانهُ إلاّ بِتلاوةٍ أو ذِكرٍ أو نُصحٍ لِمُسلمٍ أو أمرٍ بِمعروفٍ أو نهيٍ عن مُنكرٍ أو شيءٍ مِن حَاجاتِ دُنياهُ التي يَستعينُ بها على أُخراهُ، وقَد قالَ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ: "كُلّ كلامِ ابنِ آدَمَ عليهِ لا لهُ إلاّ ذِكرُ الله أوْ أمرٌ بمعروفٍ أو نهيٌ عن مُنكرٍ"
واعلم أنّ السّمع والبصَرَ بابانِ مَفتوحانِ إلى القلبِ يَصيرُ إليهِ كُلُّ ما يدخُلُ مِنهُما، وكم مِن شيءٍ يسمَعُهُ  الإنسانُ أو يَراهُ مِمّا لا يَنبغي يَصِلُ مِنهُ أثرٌ إلى القلبِ تَعْسُرُ إزالتُهُ عنهُ فإنّ القلبَ سَريعُ التأثُّرِ بِكُلِّ ما يَرِدُ عليهِ، وإذا تأثّرَ بشيءٍ يَعسُرُ مَحوُهُ عنهُ، فَلْيكُنِ المُريدُ حريصاً على حِفظِ سمعِهِ وبصَرِهِ مُجتهداً في كفِّ جَميعِ جَوارِحِهِ عن الآثامِ والفَضولِ، وليحذَرْ من النَّظرِ بِعَينِ الاِستحسانِ إلى زَهرةِ الدُّنيا وزينَتها فإنّ ظاهِرَها فِتنةٌ، وباطِنَها عِبرَةٌ.
والعَينُ تَنظُرُ إلى ظاهِرِ فِتنَتِها والقلبُ يَنظُرُ إلى باطِنِ عِبرَتِها، وكم مِن مُريدٍ نَظرَ إلى شيءٍ مِن زَخارِفِ الدُّنيا فمَالَ بِقلبِهِ إلى مَحبَّتِها والسّعيِ في جَمعِها وعَمارَتِها، فيَنبغي لكَ أيُّها المُريدُ أن تَـغُـضَّ بَصرَكِ عَن جَميعِ الكائِناتِ ولا تنظُرَ إلى شيءٍ مِنها إلا على قصدِ الاِعتبارِ، ومعناهُ أن تذكُرَ عِندَ النّظَرِ إليها أنـَّها تَفنى وتَذهبُ وأنها قد كانَت مِن قَبلُ مَعدومةً، وأنـَّهُ كَم نَظَر إليها أحدٌ مِنَ الآدميِّينَ فذهَبَ وبَقِيَت هِيَ، وكَم تَوارَثها خَلفٌ عن سَلفٍ.
وإذا نظَرْتَ إلى الموجوداتِ فانظُر إليها نَظَر المُستدِلِّ بِها على كَمالِ قُدرةِ مُوجِدِها وبارِئِها سُبحانَهُ، فإنّ جميعَ الموجوداتِ تُنادِي بِلسانِ حالِها نِداءً يَسمعُهُ أهلُ القُلوبِ المُنَوَّرةِ، النّاظِرونَ بِنورِ اللهِ- أن لاَ إِله إلاّ اللهُ العزيزُ الحكيمُ.

_





















فـصـلٌ

ويَنبغي لِلمُريد أَن لاَ يزَالَ على طهَارةٍ، وكُلَّما أحدثَ تَوضَّأ وصلَّى ركعَتين، وإن كانَ مُتَأهِّلاً وأتى أهلَهُ فليـُبادِر بِالاِغتِسالِ مِنَ الجَنابةِ في الوَقتِ، ولاَ يمكُث جُنُباً، وَيستَعينُ عَلى دَوامِ الطَّهارَةِ بِقِلَّةِ الأكلِ، فإنَّ الّذي يُكثِرُ الأكلَ يقَعُ لهُ الحَدثُ كثيراً فَتشُقُّ عليهِ المُداوَمةِ على الطَّهارةِ، وفي قِلَّةِ الأكلِ أيضاً مَعونَةٌ على السّهَرِ وهُو مِن آكَدِ وظائِف الإِرادةِ.
والّذي يَنبغي لِلمُريدِ أن لا يأكُلَ إلا عن فاقةٍ، ولاَ ينامَ إلا عن غَلبَةٍ، ولاَ يَتكلَّمَ إلا في حاجَةٍ، ولاَ يُخالِطَ أحداً مِنَ الخَلقِ إلا إن كانِت لهُ في مُخالَطتِهِ فائدةٌ، ومَن أكثَرَ الأكلَ قَسا قَلبُه، وثَقُلَتْ جَوارِحُهُ عَنِ العِبادةِ، وكَثْرةُ الأكلِ تَدعو إلى كَثرةِ النَومِ والكلامِ، والمُريدُ إذا كُثُرَ نَومُهُ وكَلامُهُ صارَت إرادَتهُ صورةً لاَ حَقيقةَ لها، وفي الحديثِ:
"ما مَلأَ ابنُ آدمَ وِعاءً شرّاً مِن بَطنِهِ، حَسبُ ابنِ آدمَ لُقيماتٌ يُقِمنَ صُلبَهُ فإن كانَ لاَ مَحالةَ فَـثُلثٌ لِطعامِه وثُلثٌ لِشَرابِه وثُلثٌ لِنَفَسِه".

_












فـصـلٌ

ويَنبغي لِلمُريد أَن يكونَ أَبعدَ النَّاسِ عنِ المَعاصي والمَحظوراتِ، وأَحفَظهُم لِلفَرائِضِ والمَأموراتِ، وأحرَصَهُم على القُرُباتِ، وأسرَعَهُم إلى الخَيراتِ، فإنّ  المُريدَ لَم يَتَميَّزَ عن غَيرِهِ مِن النّاسِ إلا بالإقبالِ على الله وعلى طاعَتهِ، والتَّفرُّغِ عن كُلِّ ما يُشغِلُهُ عن عِبادَتِهِ.
ولِيكُن شَحيحاً على أنفاسِهِ، بَخيلاً بِأوقاتِهِ، لاَ يَصرِفُ مِنها قليلاً ولا كَثيراً، إلا فِيما يُقَرِّبهُ مِن ربّهِ، ويَعودَ عَليهِ بِالنَّفعِ في معَادِهِ.
ويَنبغي أن يكونَ لهُ وِرْدٌ مِن كُلِّ نوعٍ مِن العِباداتِ يُواظِبُ عليها، ولا يسمَح بِتَركِ شيءٍ مِنها في عُسرٍ ولاَ يُسرٍ، فَلْـيُكثِر مِن تِلاوةِ القُرآنِ العظيمِ مَع التَدبُّرِ لِمعانيهِ، والتَّرتيلِ لألفاظِه، وليكُن مُمتلِئاً بِعَظمةِ المُتكَلِّم عِند تِلاوةِ كَلامِه، ولاَ يَقرأُ كَما يَقرأُ الغافِلون الذينَ يَقرؤونَ القرآنَ بِألسِنةٍ فصيحةٍ وأصواتٍ عالِيَةٍ وقلوبٍ مِنَ الخُشوعِ والتَعظيمِ لله خاليةٍ، يَقرَؤونهُ كما أُنزِلَ مِن فاتِحتِه إلى خاتِمَتِه ولاَ يدرونَ مَعناهُ، ولاَ يعلَمونَ لأيِّ شيءٍ أُنزِلَ، ولَو عَلِموا لَعمَلوا، فإنّ العِلمَ ما نَفعَ، ومَن عَلِمَ وما عَمِلَ فَلَيسَ بينهُ وبَينَ الجاهِلِ فَرقٌ إلا مِن حيثُ إنّ حُجَّةَ الله عليهِ آكَدُ، فَعَلى هذا يَكونُ الجاهِلُ أَحسنُ حالاً منه، ولِذلِك قيلَ: كُلُّ عِلمٍ لاَ يَعودُ عَليكَ نَفعُهُ فَالجَهلُ أَعوَدُ عَليكَ مِنهُ.
ولِيكُن لكَ- أيّها المُريدُ- حَظٌّ مِن التَّهجُّدِ فإنّ اللَّيلَ وَقتُ خَلوةِ العَبدِ معَ مَولاهُ فأكثِر فيهِ مِن التَّضرُّعِ والاِستِغفارِ، وناجِ ربَّكَ بِلِسانِ الذِّلّةِ والاِضطِرارِ، عَن قلبٍ مُتحقّقٍ بِنِهايةِ العَجزِ وغايَةِ الاِنكِسارِ، واحذَر أن تَدعَ قِيامَ الليلِ فلا يأتي علَيك وقتُ السَّحرِ إلا وأنتَ مُستيقِظٌ ذاكِرٌ لله سُبحانَهُ وتعالى.



فـصـلٌ

وكُن-أيُّها المُريدُ- في غايَةِ الاِعتِناءِ بِـإِقامةِ الصّلواتِ الخَمسِ بإتمامِ قِيامِهِنَّ وقِراءَتِهنّ وخُشوعِهنّ ورُكوعِهنّ وسُجودِهنّ وسائِرِ أركانِهِنّ وسُنَنِهنّ وأشعِر قَلبكَ قَبلَ  الدُّخولِ في الصّلاةِ عَظمةَ مَن تُريدُ الوُقوفَ بَينَ يَديهِ جلَّ وعلا، واحذَر أن تُناجِيَ مَلِكَ المُلوكِ وجبّارِ الجبابِرةِ بِقلبٍ لاهٍ مُستَرسِلٍ في أوديةِ الغَفلةِ والوَساوِسِ جائِلٍ في مَيادينِ الخَواطِرِ والأفكارِ  الدُّنيَويّةِ، فَتَستوجِبَ المَقتَ مِن الله، والطَّردَ عن بابِ الله.
وقد قالَ عَليهِ الصّلاةُ والسّلامُ "إذا قامَ العَبدُ إلى الصّلاةِ أَقبلَ الله عَليهِ بِوَجههِ فإذا التَفتَ إلى ورائِهِ يَقولُ الله تعالى: ابنُ آدمَ التَفَتَ إلى مَن هُو خيرٌ لهُ مِنّي، فإن التَفَتَ الثّانيةَ قالَ مِثلَ ذلِكَ فإن التَفَتَ الثّالِثةَ أعرَضَ الله عَنهُ" فإذا كانَ المُلتفِتُ بِوَجهِهِ الظّاهِرِ يُعرِضُ الله عَنهُ فكيفَ يَكونُ حالُ مَن يَلتفِتُ بِقَلبِهِ في صلاتهِ إلى حُظوظِ الدُّنيا وزخارِفِها، والله سُبحانهُ وتعالى لاَ ينظُرُ إلى الأجسامِ والظّواهِرِ وإنّما ينظُرُ إلى القُلوبِ والسّرائِرِ.
واعلَم أنّ رُوحَ جَميعِ العِباداتِ ومَعناها إنّما هُو الحضُورُ معَ الله فيها، فَمن خَلت عِبادَتُهُ عنِ الحُضورُ، فعِبادتُهُ هباءٌ منثورٌ.
ومثَلُ الّذي لاَ يَحضُرُ مَع الله في عِبادتهِ مَثلُ الذي يُهدي إلى ملِكٍ عظيمٍ وَصيفةٍ ميّتَةً أو صٌندوقاً فارغاً، فما أجدرُهُ بِالعقوبةِ وحِرمانِ المثوبةِ.
_




فـصـلٌ

واحذَر أيُّها المُريدُ كلَّ الحذَرِ مِن تَركِ الجمُعةِ والجَماعاتِ، فإِنَّ ذلكَ مِن عاداتِ أَهلِ البَطالاتِ وسِماتِ أَربابِ الجهالاتِ. وحَافِظ على الرَّواتبِ المشروعاتِ قَبلَ الصَّلاةِ وبَعدها، ووَاظِب على صَلاةِ الوَترِ والضُّحى وإِحياءِ ما بينَ العِشاءين، وكُن شَديدَ الحِرصِ على عَمارةِ ما بَعدَ صَلاةِ الصُّبحِ إلى الطُّلوعِ، وما بَع帣靑땸呴k摟䲨⭲ᶘ�ᾁ촾⺈ឿě눒ꝡﰻ핚阈얌鹚⥩憝높ᣑ䰬팋᭳爗ᅳ얮䥒鼂爵鐞졲ਬ⏋긳嬢남唃害髲狆攃ꯕ᎕⒱쮂䈸誇䶜벮䣪Ɏ瀬菭�뀖ꗖᬶ뙗쯻쉘㛂೐電켃㬊熪鲞롭䳨읅䊓攮飯嗅险⿠ᛝᏩᓀ韡꧅靓稯頄ᜲ༆暂딥퇦ೲ⺡陋ᴋ钏钢一᜶揜텿ಂ⛝뾂긏⃉襝䂝鵷獉嬡婲귎兴ﺋ캝屆韎硵숁࢈∝毉蜁琼�汬먊怶燤䰰抛夂麎ᴤ謔퀸ࠋ黥꜔࿒﴿퀂潟騖뢌늞뚄罾枕뒶蘝뉷음먍㰸짂ア龎龻茠骽ẑ☭⠅䙷鳗缌Ю颐恼底雎ᅫ쓐ጊߦ砎끌셞噒矢験弴궎쳓澢⛤瓆몶凥싙冘憧椝躁雛鮣ぺҁ_瀞晦⿑຤它⹜ꐰ책磛窙㧴㣋쬙꺉셆瞞ࠂⲂ咙똈㙖瑎訸᰼ᄔ⟞Ԩ詸Պᜲ埭鴳洗㍉⭶ຈ풮㞅ᆏтꭠ륍퇤뀁䷂㇉즍啠卓ᯂ寑ፊ쭻ר搘줲ȋᷣᴳ죈䫆﴿季�⌰޺蝑넌䂖蚱갓�啢卌M皦୓姜ሁ윃쏎랆㘴ℴ姷檷꿑囿혋ѷⷯ拙⿛㿄ᤖໜ긄좷蠣苺ᅯ騨࣏똛곝⦰푮ώ赩뵖飩锿긺ﯜ䧼ꊊ㻽浼ꄠ꼠⟕㝳ꉕᨔバ같⋌��ꐗ䷪김쵖㇣͖秽⭙栶됨羚ꮥ깮膡ᖘ鶥䑏巑뛫瀯ﻁજ毤痿僸㶹틐爠樼㜟먅ﻦ㶝퍿㷅䂛燏妸ํ骤嶬軙臗쾖ꪆ둻潟Ϝ㻟�뎪붫鳄뒀⠯赠輅๕뷤怓귳뚮蓘䣖瞍ᖣ잯胱쟯䮯啹祑댽fl骻⥕鴃驑뵍為▫⟟䤑諊ჶꢭ፯ꞟꃳᯞ鐰合滮炯激癞ﳿ藘倵ꦎ꽫䏨뾵㭸戛ꕑⅩ�湕྇ﱔ䒡헡ᨔ폕糛뾞稢ᇯ࿜遙ᚉ羥⽾⪁蕷⓳믰歪䚬ꈛﶁ戉䘑懲뻹턨䨽ᬽ䨿ⷥꭾ秃ꦟ듏頬닪ㅫɷ쿙빆꾷_邗�㽿ﯱ鼵Ủ챇ᢇ鸟�鑇߶�絯㽯�௮料捻勵꓅儂獩嫼⻩睔潳鹔ﴛ쮃ᔗ춥瓛ꬋ摍狷훪ꂖ믒扗苣�捼芌뚹፦噶뢁涚퍦ﯧ㟭௃䬹ᕽ噐贲෣㽖垄빽鄞�䅁ꖮꣻ㮞꽩簇ﻤ狦悳敾ƣ锹ᇎᄑ弋裓晪㠅꽅쿾橈ꬴ⚋וּ嗀�붧쪦뜟ꊗ�᷀㫽ౄ㖗ꭉπ㈖ᝊ䌊鷜ﺲ纳﫩뤡㹱໨뒞榅쟕။氎⫾႞빍ʔꄑ괥莧鋖㊌⛶ﲳ乩鐯⼳䌦量럐쓇컽�嵹ⷷ�䏰㱊陫츭綿옑潢ㅆ듌꽐횵≭梐禍棝ᅿ䷙⽤貛죨�徨층큦쎎�탽剡⋉孼继㣰뷗쏖ꫠ遛䄂瑫蓽ﭭ还᪱횺晩偅涎辶翹栭꬝댾뒵싳⥗籤큿롿ꈔ頴ថ巽舆烍尿羃損ꓨ䵿﹦ᠼ釟达ꛨ廉䙾槺�ー䇻利ߨﯩ冤쓮꫶⇗⃫䒟럡߹둫貨폍῞Ꮺ褕䳻卆海锵唒ﬔ噃팋ᶏ掻ユ꺱竇⊲촫돣㺴䓴ꪵ舉ᖃ籡緢᭪斉ꤝ脃켩᮳ᮎ쿛龸礴�ﯾ衒ꝇ᭕솟ፍ덵�퀴돳ዽ粗걍ྙᓬ橷珽Ὑ絩ᒷꨈ爆㫏侲㓿僄䞇큕匶艿鑥驎扺晳堬훿甇똈瘗㊖ꉟ颟῵柭뜚ᶸ헔ꭜ鿂㞑媩锗侰俦藺ᝃ얺즼ᅵ蝕螔뤽�ㇾ艪ꙹ㎨럌뽟䑉骪쾧晐⏺럒앩仝ꗞ겖쎞꨿퓷�篾ꎁ䆜꯶庙¥第�嘟첧鶃貈瑧�秇ୃ鏩ힰ籁ꡋ槐䇝�ꍮ￘拃ꭄ왏⽔皙奊隷㙯翩㇩뷟◬棒ࡳ翡孬뎡䒉��ﲷ㼥羄앹�䕌ﬡﭼﴗ镸帋흯筀路篏騎㺷낑蟯즾臛兓㎚ᜃ㣏ﯩ셼Ủ卨峚뱼ꧧ膏ꌶ䃧邊囫㭶縟疿ᅭ䧒棡ᘯ䶕莡梘鳯⤢逦瑐糾뗤㾑卆�䵗㒨鞶漾饮墳㖥й列锴ꅿ࠴䵿픱賂퀹ꚑ鯳뇥妋Ե⓪៙㙀⣀餬⹂瞏混ྈ縣闠즳搐䂻쑅㹮ㆈ﹢쌵㑔⌍ꁿ㼓ﮱꅦ徭갠Ʒ㚇뽍熫핉㩠⇾䚘迷독⛪藰⦓꛶욞㖇疥ᤴ棎괍昿鸣菧Ռ鿷絑ﯺ穄龓뭗◘똜霥螕䷕诡㥒⋮輾쵯꣥㡨륨켣ꏜ쫒ꆱﳴᲜ䀔Յサ�䐫㹯쵄椿橪쵼퍞씈嚆췺䡚㾡閨⁙뛼뱇읱檊鲣骟鹞啓拴牓隸�Ղྭ뼍쇑崆葋跪Ꜹꑨ莔溌練㏿턄敿㠇莌䁦譅ప捼違⇶蕝躰퓗稾輚ﶥ敭翽叕ℛ縐謩㻠쵬쓞�ⴵ搏響絮왰럷㉟￙鉟뼗絷껳냨횧⼼碂忻Ⳏ컩辞ᄐ뫽吙⣶⼟潤u࠿⳹㴍৿훒훴䌳켍腏뒊꭛쥒絺曟鲈ὢ韹溽露莲Ʞ흍愧玟种⶝뽿觿שׁ䲳솽崾昛蕾햞㢌㽛흫哐괔毚╿伕轙퍁翞ႆ�漅驊綤흞鼮ۆ臻䆸꧛㌾䡎竦ꏳ㸏ǫ匠졼٦꥾툫䕌痻哼㊏꛷檗쨓ﴋ悬㥽ὒ龭吏뼥聂檘Ꞙ㥪칕䏵뜑檲ꁃﶧ૕瑗뱂㺢궜뀜洱嵿Ꟍ陿殹┾汽᫮ꞯ쟻씧죢ꄸ钟奈㚢斸䦯㮮홖㆝뱢硣隣ᭂᲺ伸ℷ킸敵⢨ྤ륱꫓ᓀ᠃镞㎽틤⠭븽ㇹ➊웠䕝⓲鮌᜗ݢ烚귙ꝺ䨖䳲蹠羸⢘ﹰě㊨ฯ億ԧ緼ԋ僟☪섉仹ಠ憱蟱퇹졁ゅ寯驌ᰶ䎃가㍑ﶬ퐸⤉㹐ச៪޳쒲餝몟콫☳烀踙쏤縮둙ࣵ텍霖闍╄峾�䡀䧆ʦ뙎಺狐ぱ࿍緡፲횏ꎎ伔殉⪜쨂쑵蹱ܘᩐౘ逊鮒頂揁鬂Ѫ᜖쓻✀ꠑ㉞꓁匥䋪赃囶촪஋뇼k╮ᜉጢ똶깇狑ㄷ�–䜲揘₢蓯꫻铛蝰䄨凊�砄纶칑聩䨅韼멍讇饩炪⛣쟲㡒缬촨䀀䗂ꨪ㤴貮㔅峨鑲슒倻섴㞮鈦ᴂ떡鶲儕짢紴膋鷊࣍䗱俆⥇鉒裄զ︺鯾뻬刺뛈麤�숂퇑≬횗炼憣駶䨐䄟赩듒၀ਬ쪃Ѻ垼컥髒쀃챲춉ᜟ郈욲䃌ꛌ톺쬐冁覼릸밎즞쳋⟌퐅�齘ᾂ�⃡챴틐賣塶ꥑﭲ옻�⣨鰪䴚䍇韕赉꾞풤丒唀躉㮁ࣵ㘄ᜄ㋅䖰省픸꠆ﱘ폷䴡娱彜ᇈ 韾侉Ԋ᧨틲ଽ닿肟蓘좇㒚햣殺䌯麭꿌築⼃撧��⥪쿋諍ᓶ擘鬷䅸晖풸໙䆰㪠쇁伇坯᠏⧠�旎扶Ⲍ싥뿱絀鱈ꨑ�䊾ę珏᎔턝顳ꃨ奵⼫肭ျ岖鋆慖ਮ癛ꭷꆖ闭洝艡蝭㯯ᄝ㉌⬫ꐊ颶脽䳇เ�⣅숥鴋ઞ掿췞�፧ဤ鑜_⛐6梋毠樭ါ흖渕謔쒃鵄뫟㴨︙�祹솹ਜ਼�뫥適졄᝵踋圐↪淤ƺ�郯㢅삤袴ᑜ嶦⿿蘞ꃙꝥ慈䆏甭끪冧☃馳侧뉂쨉岲ᔼ瓜皐奱僷塒ꔔ林႔趢䉞륖ꎪ쮼ꌵ郭눕팥㭩淍妵입ꢮꤓ滔�濳ꫵ脵쯝闯烈픚岿ᝓ�ꥂ璎끆キ靶륰苺桦큙汴蘬묦곙颓뭫᎖綨劘ⓨꗎ楢￁垫ꄰ㯔㞔쁆恏쓕ṭ㑃₷臘ﺌ唞琽츿퀐覮אָ刺萈≷鯃ࡋ鵝矁﫴줞㯥ᶿ喇粨쭊ԥ瑱⠼䀹⇩愈�嬝钪橚멳鸐䶌ɷ悁욓叩寪ꌆ㼞쪮蟍ඵ늋㌼깹䎂欃媋珷퐷忞塚謥�ࠀꔆ醧謸ꬂﯦ꼸冿檰ꦵↆ橸ꮩⲉ麹葵턒䭚踆㝙勜쀱ᣗ孏㪘䀞䳪碈剄倅쵙欸ᒢ㴻荡헠☈ᕨᰢ콻⁥ᯀ䷤仪唚尿ﮛ�ޔ椢礆됏㻘᫠縱缘᳝襹쩎�ꮥ쟶灉讘ㅍ삦᳙抦뜣搱᷀撟葥뿛ۘ฀掊餭엺悻릀貔쀺㫠蚝᭢蹈⌫ᰎą�ჱ캂俀巙㿀頫⺬䣝�뾗恟䒶툱냫頇컇䆳懀麇姢欉㕮㳑�⨛⸵얥ᴒᔌ܋笴ଢ⪉赈䛙롆樬ꯕ鏜肠⾽劧ꤚ㙤遉Ꮎ鼮�娦붒扡힖嬁뒀葑裓㌽㢙ꃗ뫝塚䊒ῖ᮵닍褘㲎Ⱔ洏ሶҠ꾚ᬢ쮣ܝ㉛鱲ຎ䨾⴪୭壺╨랂旜䋺�䬬�ꆐ鳤׫ㅖ�洓ꂧꃦⵡ겲岼恀Ẍ凚得냥宴Ⅷ칑餭⯰ᡧ蟠�葙슁顎乃ዏ쀍팻厠㞿⯴◌訬甦Ⅸ摇格䓼뜰屢鼔粅辥紌䠝ﲈ拌ᐶ诈秪ﲅ䫍쒨ﵶ哆榢㨡郝�ꦛᇳዧ꽮⃃ꝷ揢抙낛섊鄅ᆽ偦䭎轠懍䊯稫ꫦؗ뷔䄺몁씃碅⩯䘀臅봤䣸貌㗐䇠콎쇺༣�뛘࢘ɡ㛣楥ⱶᆧ똗纽콂켆亨洮ᥱ幕䩛藆�⓪耑Ψﵼಒ(�벮ॗ⟛핣Ɫ隷報魮�⠭⽐뻶둜곲쌋᎘娐쮌瞶鵮僚禅溹䬈ܾ숐ꄭ龬�ʌ㋧宪刚휠ᾉ桸聫㡰퓦쏆嗦哕⥽ច㧚つ燞隬�겡䴕冥應폐��僶鰿멃峕탳㧦㾹⿸ῃ욕㴠햐⩁凌�䠣ﶋ倄⪗㙚睶瀉肭辡눘㶷宒瀍墮踹㷒胣孶籛ꖝ亻酐샼愻ꆟ쟁賉곉ꨲ贏킍䭈雮忹忀엌㿸펈榆ຆ쭽ꝺ챘샌윓쑑冰艣⧀鱠鰀㮵በ䇀쒭觿暾ꀰ⵳춴餩饅뎠䯮₩擓תּ숊➶刧�㵵꜃曭ቜ烳㜳㞍尙㈑﫡慗ᦦꑱ髗ע骦ﮩ㮲Ӝ녰衶塔匧䇐鑇侧曭존▪蒗䕱䱢讑ﴉ捐圚䚉⦇赌鐜Ժু澣킣⼌ᙆ㊑遝┣ⴸហ椰鍶쳃ꅂ挟뀍ὂ솅仡䗦⧱䉴冨먙䭙Ӎ㞪蒱甖돃핋�䓢狳聤ꊉ諬㿔愾쁎窱Ż͉ᬞ沐꫟�ꏎ䃝罤鰋릑틯ꔌ䊥꣚悡㩧쇊Ǝ䆢鹾뼥ֆ뜈灆쾯욲軅鮎넇펃푁◖⪯຾ᕺ谣헠Ṱঀ䜲핲ↅᶸ퇜욛ﵧ岳䳉猵峳뮗휋꒯ᤝ闧ꕧ歘㝳䌕䖡꿉钶頿�ឰ䬳뽱⊭쩍犭눎ﱦ왷ᴑ喋䪻炣匪튑䁮⑭子殘ꡰ�쓺퇮៦⩡㭊㦰ᵼሐ倂荃邗쥱薕�蘮ጰ쏢厛ኚ컯븸ff菦崥놨Dž鰔맚쐍┖ô끭ê薼࿏㰮琯�뮚鉮�ও㥴⛍몪鐚蕁㊬쑃仃䙯㳊헄�킿ѣ祳噴쩦ᬌ쁣皘蕧㉙ᙬ〾껔⌠圈�ꕱ殐ᴋⳈ눲⽶茵䕦펤킖臦껨슛ﴨ䏹쪴䴒ᨌ晴贰毂낍晄사㺒猥뢫颬ꠐᢴ᭹쏭醤沶焣שׂ칏ṛ藽忑䊁텁繥䘊뒉㥣髦냎ᩣ좯蓖倧້洮䟿ặꈥɶ돓嵖ⵜ㒁蕖눴䱱ڠ餥멢ㆂತ궠秉瀤ꑶ䱻恦厶�臚鯇긑��믮秤䕅Ⓑ뱴ᙗ鈢뷸瞘≏䳆�⒘믉ݲ匜≄ⳕ쳽豦䂷ผඌ씿䈖鑱⁉䩴킆餹詂⩢딠珩捣蜖鶑ᰅऋᆄ版㝛ꕚ࡭敘ᖄᙡ螃跚䇏㭗鎥㈮뗣⣓ꯄò䪢鵺芤윫ⶢ뵊܍淝�踎ɐ䵴恖牭蓦㯕䚖뎢⎾�ᩦ쵫軐☧ྎ癿좳飏�茊獎ᒕ貒쥵ꆽ爰Ჱ偲㿊㲹쿷휇ጕ⤞㹁◛漖ᅔ烽勘�㓛ވ臅䁁혅튏⩕줵ꅸ팬蘙㙉굥䅚먕㢤傸毂ꠥ믣穀ቛ鍲荷㲅�쁏⒍鴧඄Ểꐊ聤퓖㉣鯯⟬ﴡ�悠ꎚ厴⊷拑℺ƅ擷쉍嚟㞢틛钎澔䫁쾱ᎀ聀䲓쾜鈞⠶肹特ꤓ谡䇞ૂ칏蒈鉰괹ꤨ㉃鰫皀깳∄�Ⱅ맮獈ࢂ孺ሷꖔ蛏씻橐⏿㘟鉝ꖰ爄닑썃䟌Şᘳ祻܂멶濈푬릜탷拤ᑜ휕₻鑭椭⨾꽻봒癠≖⾃挭潭退㟯豤崤葦鰈⊬硒먄蠐묐퓫㸫⋔뇆�몏䋞䙰憴뢀핟޴᳴膿黑┲栐�ꌅ຃飞谼滧叡䥬൮ꢘ쮬粭៛ꆫ㴠ꅩ걮ᥘᯌ쵣鳼굉뭎蛦㠳犰븜窭ŋꍇ萝␚恤᳠ᘰṘᨕ鏺㫿蚿ꬫᨖ⬾慹뾎逍ﱤ숁欜冓攇馤莢绢㲲ⴐ㉘뮏렋뀪熺㉈伤申斵ȃ靐ฟ绵珓䤨潩㭪᫚նꓪᤍ時Რ琳진洛၁昀瓧簕审坈惧熔晐렫Ὑ㒽者뉘⮥귝䚳홝孰㤈漩㦳ꅍ瑰�䬹쭟䉬촿怨Ⳃ猚䱩ꀩ쁉䮻擈፫␫ᇘ蓼툥ꍘ곏㧽㪬뛴牋癧冿깎৖綰ᶿ䭆䟄묩굣啮큀ᝂі腖䊷钤ゎ⒅䕔௸㉼釆�ᒟᠢ౏ꢿ䫹娽퐅䜝嵞긷䯍ꧻ詈칼먻嗦⪑혲⺞੐⺃꜑堼鴷ㄊ㶝쩟Ĉ庤慢餭ಈ䈦鸚ᕢ䝙썿௥⒈愠䉋퐷庤思˲﮾䢪熻즙樂᧩䫡╎ᑘߏ꧄�囶퍝ᶌ䑥䅭ᄴꎝ邭ꊊ怹걆쳬㟱ꗠ飌⯒㙽ⰱ뉗盽誃䑚龠䊂嗁ܝ돇⿾䜖漅䍶膢ꃐख੡루ﴻ͐ࠎ␕단⿦뱟彩㒧�㰾휯榓濧령㉤⺵྇鷍潋䍢皡瞙뾖䛇ꖛ䎞ᨌ참躎㶚皼돽ﯱ옯뵁鵠ꠄ㒙瑺ﱉ뗠ȓ烹住䅋ᇰڽࢽ垹方契ꃒ뉣籇흴ᱧ鞶ཐ눛⻑啡觲筐바骄�䘤䰐倹友ꁓ湩䬯♇朼㩠ѱ䀄獥寸劥㘝�⍉ꏒ䧡Ⲓ먲孓⎱غ礑�롁载낻セ曹縯场⬭쮊쫹瑋묃쏛댝㣂㺲ꞽ靄솪呎䟩表阹馿샇褯
舫䡐ⷋ밲鼷㷭꣫澯腍ꖯ夫賥팙Ⴎ಺蟡᜽棳邌�繨൚ᶊ琻䨛ਧ䏘帓덠誤㝱蹍ʍ鼜閾잽㦖ഇ噾흥탍휦횷ࡕ鹺ⴉ忴⟬顧ꂦ鑹㘇ӥ縉㩐ಪ氬黩ፐ즠㛼≎愷ᚱ秏∣镥冘㈂⣕ꀦꖣ٬讝둞眺牯䃀锚ᇠ髆縻ﰍ椇贛匯
츎ଈጺᨾ⥁貊ሶࠥ튔ᵹ交ꭃ⌐柌ᦼ老虖鄉�柿ꜞ鐟䪁眇鰄趰뷾ū誘ⱪ⃜뚋堤馗烇됩照뛷�臌퓷⩿佑쮱ᆣ쮗엄᱊뀒鳇斠薄Ẏᖹ琞퐠貖ဈ⹝ⶄꐳ릅敩剞鋅Ἠ㿲샨횑裕஫丯�턶쓡খ薼ᜓ碉杦⑈✩櫸嘃綌੗뢝Ց簏뱅Ј౽ㄐ�촵췺訶ꓯ⩥诧�螓พ輅䨻腈鲼柸㶀謤蝑迥㶥甘魩⤛㮞㫋剎떏讫କం쾆縻⌒ꇍ⠯菉�鎯ᬕ잚冯┩匧䣊ኄ蔔�㼸ꕽꉓ众嶆偨吇릲첀ꌍ褸⨹骎藁ﻡ욟㘁㨠봎긤∊獬嘊廉遷✈岩ᵥ蝗ᝰ䆡㣡櫊훡꜒췛戈䯭㈌抨㰥᫠鉔μ짞蓈舸헒⭡吞鞅쀃縙椫鰧⢤¾⣩밡䃞鰽ඪ孌骡묱뵾ஈ಩㘺㰮픾茭ﯣ᥍괵璀櫖꭪씘즥㑸ἀ쑰祯ꥵ嶸ࢀ開⛻প瀨椨̷䈃庭₝ꊧ⵰넌䦉⚀뚿靣䮷읳ᦀ∳杖쇻곡௟얹撑ᕋ룈ᄞ଑䳍뺜�쇉㍧胂뺩姬檎꽋ఋ鐃塹⼯論陹ꔦᘈ骢ࣖ쫙킂�潊ॸ묎ጰ牦봭媍閽碬믝ꨐᴐ滛ゥꌟꤿ碥﫬륋䂋渍鉪흁蛉碋澽�㝿舸壞㗛늩荸뙎镕‚쁋᠖ﮚ祟퓑车韒閃笽ڵ其䷲紼䲔㾸捡簇଺䬙ӫ셹⨀쏭䈈橵㨔鑿묤㹭�膛﯊鋯ਉ둉ᑕ�灘벦쉑ꂽ莤럄뼖樰䁮�଴㊔巓挰ꄅ禝剀ᆤ鳂㠤讛絨⫪�裪뮢ꫀ犬鋆䛔魋飲栓飀鷝蚉㶝獅ᬒṽ묓꓅榺㡶멆揁ꈱ㢢ᶫ䉲殅ա汻嵳崴レ﫱萤邺Տ፝貪தƿ䁲燺琖姚燌㩆ꂐ拍컠銅䕖ℱ鮔찔曁鑎ؑ癐먑贗�跈髉钫�裀᠀ﱌ䪤ꝑ٨㡄塆般Ի傂욒籾顮혱뼝჈핝߬톨�礻딕ჳ䀇۰觟怬뤈嬢⮳Ỗॠᛗا柅룃뎀⢲诂쏨썷઼ꕭ㠡ާ岒险蜩ඬ弓暏叐闠ꂱѳ⴩䃸騳腮螚獽렃놭붢崑∹呁俏绉ⷆ䏠Ք杜ﭰ↹ᔕⳅᵷ䍩闬閛犮ᐭ뽯�㚲饃仫鍴늼昐ࡣ翦媕榆ﮏﰅ氱䪛ꂞ蟊�ᡟꈡ梿⿎숊�胚肣暕犬剀劐츘ɮ⏰曤㊌녻벉럱〸볩ሱꐞᅭ慛䪊㞖Ō�쌟虊Ɨ隼瘗셷ႜꫀ䣾趹アṜ퐳ꏄ✼ᇠ�䍑 䔨ᕘ༮鸸₈뼖║깜Њ㹔맑颱謌냎礼ࡦⱦ�܋뱌骲崷됝뒢矃眽硶ᙅ찛ᴄቯ쐔쫔擸ﵖ䰅㫢쀦ᴆࣽÅ堙眞໲䶹㩜貺퍧㓯ꈒ㵍ᱶ⒨ⱷ᷅诩蘅頧猇箉憢쬜ຓ�胣厪乣❎ះ痄㪦掴Ŭ곥䴁䳡餄낮늑훎ᖴvެൗ豅Қ檐̙龦⤬⮌ꏼꌚ㒈檻䰙겟钤폊僨뉁ㆾ十㞋�ꏏ歳뺞냕閘鮗娽舲摩딝큵烒右鯑鷰�ࣄ╬逳遲꫼��鐰�﫧뾃塚쯈Ꮳ昤 쭓挤ፙ톟뵽笅触✶䮰ᜅ㷯琂᪳矄벝ౖ䣺䵼ፓƝ䫅౷蔾톅ᣝ㭫ጲ纚䵏㐛ލ�ᚃꔴꩠ䄞㸖适譬鰟蟬쬣偯⟤㘓㞴胲奖瀝㨝Ⰲ筷ᗹʝⒼỰ㲢㈋䖨홋닔䪶ゥ괏崺狰ꆁ朮谠착跌킷窢뀺ꐖᒜ灓捛迥﬒쪱蘳搃௴鱽厥�徭桪队㟲뻜ⴟ侾쿂ֲ࿐鿟旎㫣哓꭮浴쉩緾墶ĵ趾즸勝㳣ꗷ㪤晇隹趃镰양턋聄煖漥䧇䫔ﰆᇺ릸ȥ骞➚⟁煰噁禭ꂑ楶읁隷빊䢁邲ໟ鼡ㆅ搃᭿�퀍噊㯃츲ቐ曀Ǝნ氞始䆞⹢꯷脹홢䁠Ữ眼ሩꝨ鞻ࡻ㮵벭扷虖ᑀᣀ挠�沂ﲹถ㋳⏑꣎쑞ꦚ扭鴴蘜샗ゝાꀇ篋㖴�뼮ᰪꉸྦྷ䏜氖帑直褐竐쌞ᑢঞ谇⋟銞�禬ɧꮠ듟謲뫿锹⮦䊤ᝲ兘Ⴧ�螏⁄⋙ꭈ寠嚏뚆㘠ﭙ⦷䢈胕䥷䳘ꁸ릭괪™믪虊㳬䌜轸ﳊ챈ቦ饻䋵䛂健凹丙뷙䳻ᓊ偦焷ܪ㨺泌깲ⰲ葅+꿔켟瞉⹢쩫ꗻ淪巑�窺펪⁘缽跄�㌃䛹翆ﮤ罖솧些ڽ럨ᐜ琕鸄⤄픠龗ሃ﹀ஊ娘ꚅ樓᧗㊢頝鄘엢綢ꥫꡲ㷦ꢅ⪖敉蒢⑚㽨淢Ꙅ钰ᦝ歈ऽ盠ˤ墾써迂㳆뎕꥗业ⲛʥ埀뚁⟅哇ஸ鶘Ⱥ柈Ꝍ忑薧譭㢓䕮䱫ܗ쥛͇괁Ꞓጪ雤훴辠ৄﺈ⯝豐⯫珥涼䷰鱹鵃菉븝쭗邝꾷怜釘༝⁂귫뀄梴�烂屡ㅱ沐ᓙ覿㰿�쇏࿦ഥ畇Ꞅ砍鴮⛜楰᳡鐀Ñ턼NṎ�렉ꗦ藙괃얪詟ዞ㮯ҿ巅ᾞ빿䯲氒몁㪻䷉㯻鹀曱뚜ᥠ쮦ᘻ贰쮼똛㕖㯰㜸ⵠ䢐㎞휵ᨃ䜁ퟦ㋘駧푝셡븏籑㶻෰à琻킧㫚䠌�䑏둟㴃ဏ벝�圂꘮媵ꗵ妰闲㑰箓椪혾帕흕烲⌘ਁ효䨴嶻꧟걩諴ৃ䠩怨춮坒꟤횻ᷖ搩ꢇꈼ묦�ׄ웁릖ꆅ숁Ƭ౬軘熼㾨諢绪ꈧὐ鵂셺厉䭕ퟩ뻬飏ల寧ꉺፎ⣨翆珡紩석礝忸᧸绬绐䜫윽≢锗鶣᳝滇╎⧂晃䋆맻኉硅ࣿ컫鵔绍�硨謇ꯉ濹᷇ᛱ⻀᠆膬蟻ཱ蛼禷뿇⛆⺼궬댝㒥皤뎣컺ꨌ뎚폆혊䯮뤫컹࿮䡪䯠乾똻㨗昳鹱�㢇嗋�⮞驢咽Ꜩ熡夜据ᖱ�껮⩺阑佴ۑ鴉鮡凉鐳퀩颢됏䟰柦㛠䓵櫩玩�ᬒ㕞箯⪄瞧嶹܋䡝쵹䎝㔷뵴ው땼栨氭旤⺌�ꮬ籡䣲轅竐઼䙤홭蔵慻ᵓ�꼛鋩涛허㶡↟驙㴥烑⣜퐣ꡳ揆泈⠈롿羶ꅞ㲹蕶ㄳᡉ䄟෵᥷僦뉕嘶拴嚻踉뒧葆ﶪ䟶坷�Ꟍ쑿䛸᜽ࣞ칠鮺实㷕ൄ㘯䧎胴㧲創ꟕ鬯骛᳿᷄勇ʛ霍㞆璫ᔖᄇ⍍�ꮹ녂ꂌ및盁涿�ꊾ髧縬䷬ෘ罠Ꙉ쇁婊钡骪㺽鍐䪀㟯泿︰령뗻ྰ῔ᴝ䏭獩๝퓳ᱪꔶꔃ贿佰Ꚗ뵟婷㼾䠶捂ꟗ䱕�枍綷섬㺴긶෗囥뱝댝魊玹켙㫯⿊།㿯ﳎᯧ붯䠢낲粚П㰭2胺띯喫᷏�ﯜ屆珡뇖蚦ዿ赪儭鸓咦ル鴴牨慨嘡졗㧱⅞丏堋偬騐蜻ᬄῡﴶ�徧珣푗ፉᦜ諊⌘徼忳鞫뙤跧냺羂猈≈�鄬䬍ꑽ蹒齖๽㟛塄릣燓ᰚ뾃ﺐ鯴뻕崂쁭�꺩놻ꃙ拧뉻彿寳ꗨ篂⫷퓼똰쒪라佶古꛼媎��঻媔믃⌷ᮯ珿㆞⾔ꖀ賤曓詸㑓뛽惩ﮇ橃᷅짇ꏀ꧶檏�猕鑾柇혂웠鮖ꕞ뽈䗻ᨲ⊰⻭짎揈과鼃�⛤ꑐ䟇桻⨹ꙝ眈韟朱۳弛窠㾎烗ֹӨ荾梆徇럮涐ꈃ꼦韘�뿹埍羥�昵䦾判�腗탖䎟外�᯾绍ᾈ墝颧뵬꘏᪤嶬콀赴⣹ꩬ￁蚷ꅠᅥ�鑀袺ꛡ佋᪫鲶俭웴妊칬㼽傾킚︎ᙤ쀑枟ᴛ𗾈唯䰣⥫晭ﱾ兯蚄�簾Ნ篜ਓ뢹ꫂﶆ嗙謗嵒᜺澯苘䁼깱ꨑ磾柟輸뽵ꂓ훐榭韣�ᨏ能�䯘㟻趤쯼뎗곢ዸ쎇詭䵵㪏켙뻸퐾氳惶�噷羐ꅩ坓蝃�鯕艋瘝䴰病꽩ᵰ�堫ⶱ﫺碧礞㞺껄뵵푠⥴䢿꺯߳ﲽ杮ꞁ㏾䙫灥歅멩㽝࢚㌒苷꯴넿벵뵳ᯱ囉岬貿谥뷬㚇㴍㑝ፄ眸᝕곦㋧촎廊ᗫᷬﶿ㸗涯絒덇퍀æൡ哣掙绗�숯脼肀ꧽ纯㥐Ἕ蝹赮翝᪁彸꣯딚饃㪇糏蓻樂⭇躰粟훺揕历뼱ꤶ⯈忛﬈퀼뇨_�⯪任ꆣ�巉뽩ᵞಣ擀⛽瀟ꍏﵽ䘙孼橏ﺲ啁뷞Ⰻ栶尟뙡牁皆굶㹿㶎疐漳혧桋ᥖ泼錃䵟᧕節៤柞哈긼펙綷�௃赶揼ᅔ痸珜ᱵ秧跹彖䉈봵奇㿲ꚱ浀賄免鴲澰뎻᫃睦媥궓啨Ꭾ诗ۗ͡X麓ꂙ嬴觽霥ᄞ泗ꯐ澆唇㼅琍꧆⏚ʩ鳳ﰢ煫ବꡏ킴௾樜놯ᨼ딛扫{ꭡ蝪鯈笭깕㵜秿蟻㚎桥尬뽝Í浏馮뵿頩맗崾㔋뺫ᦱ纕瀇㖅␍䎏䷠봥ꅄᵠ雕醐ퟆ寣⤿�팼徭꺩郟퐭騱ⶠ⟻樃釯멵ꭕﻈᇊ⌊⭬퇵יּ㙔ↆ눆嚴켽伖㺍㏞笖࢙浖૞⮤ﱁ廘蝚�㜾慷꽾坿왘輫⦰럻헷エ⃪퟊跻儾腃ⴿម␦ᖴ㕕津ꭋ࠸뭹꥕扲逸派꿠葵巿焧⬷￲㚧ꭋ軻ầꖭ�ɻ톼揻㼳�㰿ﱘ㷨ꬤ⻙㳪篬墎ﴧ激瑸嚎킭⎾䵝Ὗᒕ櫃ﻨ펨ᖹᑣﳖ둁ⴁ䪧臹뀀쥙﫿⮐捻紖ﵚ물넏䋑忻産뮷붗谕烚鼾䰢ﳻ�戧輿ꣳۚ풛悽뫺帬償ᘲṬ곍㗑ﺒ鐦㎡뼆恘鳷�욦콍ᯀ놧୳ᙾ湮쮨떺᪱}ʇ콮➹뗓䀾들㷿㽐荡⾢䂻뵅ԭ笱͊乲ﬧ榮냳먏�츘긕냬㘘ོ椴⛑ﮑ㢗捊沓ᣪ啫隣앎ڳ迳ﷂ碮꼰ༀ䍄來ၤ돀攺쨺椫鰺妿ꒃ舵돏劇崥擻骇ᒴ�ϗ纖㩟튩쾗쒿蓐悔薓퉫ࠬ寮煮Ӗ㔚ﷃ肾됕鵺跍䐆哎폌ⶵ咷族๢體餻앸⼜畍㦞끜잵䰪䰶܉ẋ̣ᠴ댳몝酥尚䍳ꫬᖥ돈┸䚡䗈轸眂鶼ꎨ겞겭秽灯㬍䥴㯴⠦Å꣫䤓쁁뉑ⴐ먯뇂㴁䜘Ҟ䒒졫ꂠ晘䟤薋ⳊⰟ줆숫摥ﶎ桪⧽饹ᎎ䒨쎅桊᥆젇笋窀곱ሂꍩ⪢쉺䅡⨗婏揎᜻헑國뷜陓︧麧窐竵䨈ᙿ厶僲燁烤줺ፙ熮⪂৸䢘碏啵构藺ﶷ嗣ꏱ埑铜単૘跥䂻蓸ㅚ㪅訏Ᏼ咁綅哌ሰ厦귘잨薀臅씩㖖ꠁ낄㩏鳜ဒ䇖䋯憨詌呂烑埀⋯㸣材岄ᰎ곅◌阥槇䥒粨눭孳뉸턑鰮ꋐ춶熒噁⓲㹴꬯�栕狻㋖閌⽬䗦⤂ඐ衭秜툑㷁紓⣵䍮ᚣꅼ眡ૺ⌄㺿ᮺኊ厨婚씟⩺녫흔鉝먐ᣙ矖㊊瑃ꖅẕ�獬�紅覟ᡟ榱ל牴㹧᛺넖쉓롗Ⳡ砋鏫邪錆쯬馮붞�砍媟犵殔ᐒ갎찮⼦㇘棝蟍ᔭ裚ᷭ㜦ᄰ�皡螝睟ꐂ﷓떂⓸欖㑃཮Ⅿ䛊䇛愝뛐ﱂ즑잛惷恆왨咯늄쯌യ廌胶༗ᡊᒉ肜�䇄낙蜭꩚�ᢛ꺠룥턮逗⌻⓹䀶귂ណ⇭쒅Ӯ㰑훣︬惢倳゛嵹଻࣪覈乖ځ띉藙跥嚽圊䰂║쑳撾섶麛뮸ᨳ苩僉ꮆﻒ맙팳酭ꈭ讠皬톏뻐섵㵪＀⛪�aₕᄀ﹞㱗앷䫎泟ភ耭缪麓땸䳵轙앓귁卬珃⧪릴ᰪ瑷⻔㣙筤ꀫ雙퀸怡⺯魜㊵㡒ᇙᛢ鎌⦐뵋먰閶詄ह蟠⮣욦⸿࿫뤱搳赙㪪誃듄礥譻ẻ賗ᗤꎘ鉞칞鰉豈〝옕攼ഔ闧촩艜㡱䓝醏渖┱俇ꊀ⏵ꕋ쥅䤝ẹ뒃�乙횼㕱㱘巋俱兩铽ṍ롊⏾૦▰徏㚊㋶艩物䅮쥹㎡跀爅᱄鬊灴対껪㳳팍庵适拲䓢ﮨᗚ歸廪�鸾薛렝朽÷㱙ᑖ崅֬�讻䀨Ꜩ㓨㑵閵♇乷ჺ瓻윖ୠ赹깕ǥ궫覗艀ပ署첃騆븢鈢菭叧ණ풚庫宕殾壹፨ᒝ諡雱壋䐄唂秠䌂柘ꥁ⭅�ꨐ掍ࠚ븦㲿俥዇塥㢉觡㭊韀֭ㅎ驵䶈惚਼㣌樱背맚ǫ㙧섗地ꛟ㙩仃꘮묬쭮�蟶ऻʴ䫂Ⴤﻖ␞癩鉶㮴῿느㬗�甘ڲ낫ⴸ۔๥缴妠䗧薆ܐឯ̔諞솞¬譢乩⌯崳ㆨ嵿鮔ᥔ㩊ᜥ坖녉쾇캫�Ǟ桹ં䩀髊푇竻仵⯲ﭽ౦螻僃鈝耺�ꍞ霖苄肞쳇瑰ꥸ貙걠解儩㎏뇏�봅㜂唁鉥ċ俞�ꉷ㇒祲⍕糌鮣ೞ徧㮾긙筩ਖ਼ﻂ蟿赏㻦啓϶ⅿ뺝�总⮣侥䀉茹蓱ຎꍱ榴y巾㰂೶녱尛ꐥὶ䀚౞뇆嫚�ꉬ▰寧㍥䳝ࣹ꾣ꃰ㫃ોἉᰲচ⊋塶躡ꁽ転磵⻔Ậ뗂곕ꙟﬔࣁ⟃⋑�釃왩呖梬䅼諶㫫硥�ꅻ铵췢㳉挏轿鲁龐駘勤⠰㘾ڻ嚒߰兲⽡ᆖ༖䞺ؘ␎鵯덈㯜驞稍顁鯙婴﷌칲ퟚ쌶銔櫕詭ݛ怣蝶癊�ἒ⭅㬦锉ປ媱꒷첮邭㌜륣玗要墓ܲ沐쒑锊௯㴙新軑䇰쬲띕䉚뼗蚉漅쑼鲬哖扣楉繅첽ᬩ狠怯굀㭵孤㋶惑뀱홐ﺕ৤゘䬹ꄗ嚴풐㬡ꙏ麰悝鯥䌈荒鲷另㫜暲跻墉丫䵍誷臭踱㬦쓱�䷡陵踩도꽞㝛㧫݀뜈徿펧ਚ喅⊉⣨洄ᣭ鐛䷘肭ᒃ祾૗쭩婾⼐썞럅韧ᬟ뽪㕰箋뱽�梭㡲뺕￿蕌䅤佥उ꧇뱌펅褖�⨸❲芶ﻥ黫劉ﻍᆼ띺ﬨ࿾밿ᆭⷙ꾀ᓦӇ䯹媏㊏楚띒ꖼ侢茋ݦ⺪ⷋꚮ㎖ᾎ︠袕剾罺ᅢ�篿䥍㭗犚ᣆ⮸媙쳬牄颦⢳剠溹ꥹ緵♂尟瀈䯓㹴괍鈍얏쐔矴臱꥘㐝鼡螠㶂ἣ⤀떵맏�ﱗዪ䶧鞱ﷲɭ෹谥鲐䗮銱휵̶뼐卓⌑恒㿯陁茲쐡㞈嫬쓘졟⒁ꭕ鋑瑓軔㜓䇺钂䊒鞉ꍌ뛔瞖�횕淚菻ⱒ⠂鮣뤛⌞䛝噢⮪⭲꠺럢᪯䶷敋◽磀垢䫉뜢ᘊ껱闋賫蜘멝孵葇頠㾦촷㭥蕃⨳⦝Ϙ媖퐚羫─ꪮ鈕䮧쑛�ሷꀐ퉸錕蜖巑籶銯䔊䌩于↮覵悍ꪗ飼胊䍬䅮᠙Რ焈겼嵉ႎ銊㎋츔錼䚙㦂쬣䆀ៜວ䚹쵞䰴鷞⽲ꅭ駷ᢞ⦩珚룈뗝ᔮ㗲轰֎惟嵤#艟珎瘆蔉쬀�ꝲᴘ妪绪�飞璊뤜筯爞㚉굎ⵤಜ顦ꐖ੐乼᭬滛靬繡ꈈ볂ⶭөʾ맯䢣䷞䒓쩡戴쐏麿禦ꀝ〬㡞詒㻞ᔱ䝂༮਷⇄蓵芥�嵱킝뛁੽쭴䊃燡얖謄ᦴ﷙ཛ鷤˄栺鞍䍷㼙뉿ຝ뇤橧읦⋄”ᾇ癷討껓⡳쭤⏮傪讎೧䓕圣溵큡鱛㳱樤槰㩲⨠뾦薼ቭȧ牵瑂ꄑ聓멶쀟氾ꕌ歂槷⎛쮀뇤�堸柳ꃥ♲陾ꯩ鼆ꓐ藎㻘䞙䒗ᥗᚌ宋褲權䐧ሊ녪∿酞㸽͵꛰幣퓍醼䗤⸈暴ꖏ◛冓䕞㔘ᅪ计䬤鄀褂뷲ᆹᡟ�熵왠驕팛ꇲ⑨↮䆝멑嗦�릓楀劦젦럷⚭隓㘙├๙ꎭ䖹땸囦嘢讔ꯂ꘹퐚尦丞᪼壝ዤ턬剝륢䔶孼Ňᣓ䴣鸓❤㚭⨲揪劥㊤鳝蕸峅匟衢菄�専伤߰䵴䉚푉罞匉Χ㼾햗祂า䏨ᒰ輠衯ⷄተ텆�끛燷춇ጳ볱촱몋蒎퀠鎀阌蘃價㒏㤢旅ᥗ㙜慃鯙쇞㗜뺛혖ꂍ訸㐔틉澖슩훪␛�ꏐ侥挶圱佟ꀹꗓ純따졜�ྸ↫�倇嫩쫆蜻撵㲦ླྀ闖纫֟脱웞쏈旵㌔堃装抃쒌锳璜꣜訳ㅎ泂黥뇎싽薠뼽ᮆ疯✎ᓣ붶ᾖ녆啍鵐टہ왹뵩鷹誆蟢�వ誴鐿弄칕茙뼓ׁ圲퐷拑栺䬪쵓̉墮蔁ꔄ쌗У퓤ﱂᕁ礒葳엞퀽쇵䐤㼙艹㼃盐⭢봟욽︺視쵙⡉ढ़﷙鷕锤꧇晳අ큈뿢蚼얌鴁ղ䰮杌쪁糁୺퍈鈸⏗螇Ⅰ瑘�ᶊ䙼䊪Ṿ﹏뼊ᄡ謔껉曇ം廯�뼩�謃彠嵒פֿ孂ﬖ킖ꪓ渙ₑ㘥螥斺嗐췋ꄵ宐뭵뻬顶䥱掮㭉痙靮⇥줺�슣㽶⍽⺶❁︽沕䈪ᙱ縧쮼䨻癧낺㣝ݳ샥蒧⓱굺譖ୀ楀Ê뙟玡鶌㠧ᔧ跂㿨㯤껴䠩尀剨뎶繐媡ꅙ齨ᖀ턣௡驢뒄앳跻㊛ẝㅫ闵㠟嗌侞ꅰ흁㙠阷䏘ﯙ篮ட莵ﮛ⠔ਈ礦酉嶲뻑刟Ꮻ䢒஼ር㾷ࢶᒨ�唴ﰰ뺁軀뉛펁Ⴐ왂덑ㄮ뛸聧桇䙃⭻㯸廾ꭂ砑癱해秘畘슊䄍샾꫓⅒劀嶝ㄣ燦ﮕͪ췅쨷靸鼃ᢳꮶ胄흁퀷⢭縷⑈❺洐ს�Ᏼ봩㮥뒈됁葹︭뽂뼇ⵊ봝䟍얃в썃ǃ蛛࠽ᡋ뙪㼢镩À樛瑰죡ꋵ鱰䒨㵟픧滢떳픺颙⫧祌䇉ዩ咟멑㩷꽦拹鷨⌐钔娿㌘깢〲听좧䍵㷄铐렗뵇ꦖꀌ鎋䶪鈛㉻闬헵む煢䲳耠◣�⁞瀯䧲໕罹龛䇰찒焼೤俌캟ʷ䅠㗢둺饶Ⱆ떶稠䀔ᗖぽ㦃�랺麇َأَصِب كِفَايَتَكَ وَخُذ حاجَتَكَ مِمَّا في يَدِكَ، وَاصرِف مَا بَقِيَ في وُجُوهِ الخَيرِ وسُبُلِ البِّرِّ.
وَاعلَم أَنَّهُ لا يَتَـعَيَّنُ على الإِنسانِ إِذا أَرادَ الدُّخولَ في طَريقِ الله أَن يَخرُجَ مِن مَالِهِ إِن كانَ لَهُ مَالٌ أَو يَترُكَ حِرفَتهُ وَتِجارَتَهُ إِن كانَ مُحترِفاً أَو مُتَّجِراً بَل الذَّي يَتعيَّنُ عليهِ تَقوى الله فِيما هُوَ فِيهِ وَالإِجمالُ في الطَّلبِ بِحيثُ لا يَترُكُ فَريضَةً وَلا نَافِلةً، وَلا يَقعُ في مُحرَّمٍ وَلا فَضُولٍ لا تَصلُحُ الاِستِعانَةُ بِهِ في طَريقِ الله.
فإِن عَلِمَ المُريدُ أنَّهُ لا يَستقيمُ قَلبُهُ وَلا يَسلَمُ دِينَهُ إِلاَّ بِالتَّجَرُّدِ عَنِ المَالِ وَعنِ الأَسبابِ البتَّةَ لَزِمهُ ذَلكَ، فإِن كانَ لَهُ أَزواجٌ أَو أَولادٌ تَجِبُ نَفقَتُهُم وَكِسوَتُهُم لَزِمَهُ القِيامُ بِذلكَ وَالسَّعيَ لَهُ، فإِن عَجِزَ عَن ذلكَ عَجزاً يَعذُرُهُ الشَّرعُ فَقَد خَرَجَ مِنَ الحَرَجِ وَسَلِمَ مِنَ الإِثمِ.
وَاعلَم أَيُّها المُريدُ أَنَّكَ لا تَقدِرُ عَلى مُلازَمةِ الطَّاعاتِ وَمُجانَبةِ الشَّهواتِ والإِعراضِ عَنِ الدُّنيا إِلاَّ بِأَن تَستَشعِرَ في نَفسِكَ أَنَّ مُدَّةَ بَقائِكَ في الدُّنيا أَيَّامٌ قَلِيلةٌ، وأَنَّكَ عَمَّا قَرِيبٍ تَموتُ، فَتَنصِبَ أَجَلكَ بَينَ عَينَيكَ، وَتَستَعِدَّ لِلمَوتِ وَتُقَدِّرَ نُزولَهُ بِكَ في كُلِّ وَقتٍ.
وَإِيَّاكَ وَطُولَ الأَمَلِ فإِنَّهُ يَميلُ بِكَ إِلى مَحَبَّةِ الدُّنيا، وَيُثَـقِّلُ عَليكَ مُلازَمةِ الطَّاعاتِ والإِقبالَ علَى العِبادَةِ، والتَّجَرُّدَ لِطرَيقِ الآخِرةِ، وَفي تَقديرِ قُربِ الَموتِ وقِصَرِ المُدَّةِ الخَيرُ كُلَّهُ، فَعليكَ بِهِ، وَفَّقنَا الله وَإِيَّاكَ.



فـصـلٌ

وَرُبَّمَا تَسلَّطَ الخَلقُ عَلى بَعضِ المُرِيدينَ بِالإِيذاءِ وَالجَفاءِ وَالذَّمِّ، فإِن بُليتَ بِشيءٍ مِن ذَلكَ فَعلَيكَ بِالصَّبرِ وَتَركِ المُكاَفَأةِ مَعَ نَظافَةِ القَلبِ مِنَ الحِقدِ وَإِضمارِ الشَّرِّ، وَاحذَر الدُّعاءَ عَلى مَن آذاكَ وَلاَ تَقُل إِذا أَصابَتهُ مُصيبَةٌ هَذا بِسبَبِ أذَاهُ لِي.
وَأفضَلُ مِنَ الصَّبرِ عَلى الأَذى العَفوُ عَنِ المُؤذِي وَالدُّعاءُ لَهُ وَذَلِكَ مِن أَخلاقِ الصِّدِّيقينَ. وَعُدَّ إِعراضَ الخَلقِ عَنكَ نِعمَةً عَليكَ مِن رَبِّكَ فإِنَّهم لَو أَقبَلوا عَليكَ رُبَّما شَغلُوكَ عَن طَاعتِهِ، فإِن ابْتُليتَ بِإِقبالِهِم وَتَعظِيمهِم وَثَنائِهِم وتَرَدُّدِهِم عَليكَ، فَاحذَر مِن فِتنَتهِم وَاشكُرِ اللهَ الذَّي سَترَ مَساوِيكَ عَنهُم.
ثُمَّ إِن خَشِيتَ عَلى نَفسِكَ مِنَ التَّصَنُّعِ وَالتَّزَيُّنِ لَهم وَالاِشتِغالِ عَنِ الله بِمُخالَطَتهِم فَاعتَزِلهُم وَأَغلِق بَابَكَ عَنهُم، وَإِلاَّ فارِق المَوضِعَ الذَّي عُرِفتَ بِهِ إِلى مَوضِعٍ لاَ تُعرَفُ فِيهِ.
وَكُن مُؤثِراً لِلخُمولِ، فَارّاً مِنَ الشُّهرةِ والظُّهُورِ، فإِنَّ فِيهِ الفِتنَةُ وَالِمحنَةُ. قالَ بَعضُ السَّلفِ: وَالله مَا صَدَقَ اللهَ عَبدٌ إِلاَّ أَحَبَّ أَن لاَ يُشعَرَ بِمَكانِهِ.
وَقالَ آخرُ: مَا أَعرِفُ رَجُلاً أَحَبَّ أَن يَعرِفَهُ النَّاسُ إِلاَّ ذَهَبَ دِينُهُ وَافتَضَحَ.

_






فـصـلٌ

وَاجتَهِد أيُّها المُريدُ في تَنـزِيهِ قَلبِكَ مِن خَوفِ الخَلقِ وَمِنَ الطَّمَعِ فِيهم فِإِنَّ ذَلكَ يَحمِلُ عَلى السُّكوتِ عَلى البَّاطِلِ وَعَلى المُداهَنةِ في الدِّينِ، وَعلَى تَركِ الأَمرِ بِالَمعروفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، وَكفَى بِهِ ذُلاًّ لِصاحِبِهِ لأِنَّ المُؤمِنَ عَزيزٌ بِرَبِّهِ لاَ يَخافُ وَلا يَرجُو أَحداً سِواهُ.
وإِن وَصَلكَ أَحدٌ مِن إِخوانِكَ المُسلمينَ بِمَعروفٍ مِن وَجهٍ طَيِّبٍ فَخُذهُ إِن كُنتَ محُتاجاً إِليهِ وَاشكُرِ الله فإِنَّهُ المُعطِي حَقيقَةً وَاشكُر مَن أَوصَلَهُ إِليكَ عَلى يَدهِ مِن عِبادِهِ، وإِن لَم تَكُن لكَ حَاجةٌ إِليهِ فَانظُر فإِن وَجَدتَ الأَصلَحَ لِقَلبِك أَخذَهُ فَخُذهُ، أَو رَدَّهُ فَرُدَّهُ بِرفقٍ بِحيثُ لاَ يَنكَسِرُ قَلبُ المُعطِي فَإِنَّ حُرمَةَ المُسلِمَ عِندَ الله عَظيمةٌ.
وَإِيَّاكَ وَالرَّدَّ لِلشُهرَةِ وَالأَخذَ بِالشَّهوَةِ، وَلأَن تَأخُذَهُ بِالشَّهوَةِ خَيرٌ لَكَ مِن أَن تَرُدَّهُ لِلشُّهرَةِ بِالزُّهدِ وَالإِعراضِ عَنِ الدُّنيا، وَالصَّادِقُ لاَ يَلتَبِسُ عَليهِ أَمرٌ، وَلا بُدَّ أَن يَجعَلَ لَهُ رَبُّهُ نُوراً في قَلبِهِ يَعرِفُ بِهِ ما يُرادُ مِنهُ.
_














فـصـلٌ

وَمِن أَضَرِّ شَيءٍ عَلى المُريدِ طَلبُهُ لِلمُكاشَفاتِ وَاشتِياقُهُ إِلى الكَراماتِ وخَوارِقِ العَاداتِ، وَهِيَ لاَ تَظهَرُ لَهُ مَا دَامَ مُشتهياً لِظُهُورِها لأَنَّها لا تَظهَرُ إِلاَّ عَلى يَدِ مَن يَكرَهُها وَلا يُريدُها غَالباً.
وَقَد تَقَعُ لِطَوائِفَ مِنَ المَغرورينَ اِستِدراجاً لَهُم وَاِبتِلاءً لِضَعَفةِ المُؤمنينَ مِنهُم، وَهِيَ في حَقِّهم إِهاناتٌ وَليست كرَاماتٍ، إِنَّما تَكونُ كرَاماتٍ إِذا ظَهرَت عَلى أَهلِ الاِستِقامَةِ، فإِن أَكرَمَك الله-أَيُّها المُريدُ- بِشيءٍ مِنها فَاحمُدهُ سُبحانَه علَيه.
وَلا تَقِف مَعَ مَا ظَهرَ لَكَ وَلا تَسكُن إِليهِ، وَاكتُمهُ وَلاَ تُحَدِّث بِهِ النَّاسَ، وَإِن لَم يَظهَر لَكَ مِنها شَيءٌ فَلا تَتَمَنَّاهُ وَلا تَأسَف عَلى فَقدِهِ.
وَاعلَم أَنَّ الكَرامةَ الجَامِعَةَ لِجَميعِ أَنواعِ الكَراماتِ الحَقيقيَّاتِ والصُّورِيَّاتِ هِي الاِستِقامَةُ المُعَبَّرُ عَنها بِامتِثالِ الأَوامِرِ وَاجتِنابِ المَناهِي ظاهِراً وَبَاطِناً، فَعَليكَ بِتَصحِيحِها وَإِحكَامِها تخَدُمكَ الأَكوانُ العُلوِيَّةُ وَالسُّفلِيَّةُ خِدمَةً لا تَحجُبُكَ عَن رَبِّكَ وَلاَ تَشغَلُكَ عَن مُرادِهِ مِنكَ.

_








فـصـلٌ

وَلتَكُن أيُّها المُريدُ حَسنَ الظَّنِّ بِرَبِّكَ أَنَّهُ يُعينُكَ وَيَكفِيكَ وَيَحفَظُكَ وَيَقِيكُ وَلاَ يَكِلُكَ إِلى نَفسِكَ وَلاَ إِلىَ أَحَدٍ مِنَ الخَلقِ، فَإِنَّهُ سُبحَانًهُ قَد أَخبَرَ عَن نَفسِهِ أَنَّهُ عِندَ ظَنِّ عَبدِهِ بِهِ، وَأَخرِج مِن قَلبِكَ خَوفَ الفَقرِ وَتَوَقُّعِ الحاجَةِ إِلى النَّاسِ.
وَاحذَر كُلَّ الحَذَرِ مِنَ الاِهتِمامِ بِأَمرِ الرِّزقِ وَكُن وَاثِقاً بِوَعدِ رَبِّكَ وَتَكَفُّلِهِ بِكَ، حَيثُ يَقولُ  تَعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ في الأَرْضِ إِلاَّ عَلى اللهِ رِزْقُهَا) وَأَنتَ مِن جُملَةِ الدَّوَابِّ، فَاشتَغِل بِمَا طَلبَ مِنكَ مِنَ العَمَلِ لَهُ عَمَّا ضَمَنَ لَكَ مِنَ الرِّزقِ فَإِنَّ مَولاكَ لاَ يَنسَاكَ، وَقَد أَخبَرَكَ أَنَّ رِزقَكَ عِندَهُ وَأَمَركَ بِطَلَبِهِ مِنهُ بِالعِبادَةِ. فَقالَ تعَالَى: (فَابْتَـغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ). أَمَا تَراهُ سُبحانَهُ يَرزُقُ الكافِرينَ بِهِ الذَّينَ يَعبُدونَ غَيرَهُ؟ أَ فَتَراهُ لاَ يَرزُقُ المؤمِنينَ الذَّينَ لاَ يَعبُدُونَ سِوَاهُ، وَيَرزُقُ العَاصِينَ لَهُ وَالمُخالِفينَ لأمرِهِ أَوَلاَ يَرزُقُ المُطيعينَ لَهُ المُكثِرينَ مِن ذِكرِهِ وَشُكرِهِ؟
وَاعلَم أَنَّهُ لا حَرجَ عَليكَ في طَلبِ الرِّزقِ بِالحَركاتِ الظَّاهرَةِ علَى الوَجهِ المَأذونِ لَكَ فيهِ شَرعاً وإِنَّما البَأسُ والحَرجُ في عَدَمِ سُكونِ القَلبِ واهتِمامِهِ وَاضطِرابِهِ وَمُتابَعتِهِ لأوهامِهِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلى خَرابِ القَلبِ اِهتِمامِ الإِنسانِ بِما يَحتاجُ إِليهِ في وَقتٍ لَم يَخرُج مِنَ العَدَمِ كاَليَومِ المُقبِلِ وَالشَّهرِ الآتي، وَقَولُهُ: إِذا نَفِذَ هَذا فَمِن أَين يَجيءُ غَيرُهُ، وإِذا لمَ يَجيء الرِّزقُ مِن هذَا الوَجهِ فَمِن أَيِّ وَجهٍ يَأتي؟
وَأمَّا التَّجَرُّدُ عَنِ الأَسبابِ والدُّخولُ فِيها فَهُمَا مَقامانِ يُقيمُ الله فيِهما مِن عِبادِهِ مَن يَشاءُ. فَمَن أقِيمَ في التَّجرُّدِ فَعَليهِ بِقُوِّةِ اليَقينَ وَسِعَةِ الصَّدرِ وَمُلازَمَةِ العِبادَةِ. وَمَن أقِيمَ في الأَسبابِ فَعليهِ بِتَقوى الله في سَبَبِهِ وَبِالاِعتِمادِ علَى الله دونَهُ، وَلِيَحذَر مِنَ الاشتِغالِ بِهِ عَن طَاعةِ رَبِّهِ، وَقَد تَرِدُ علَى المُريدِ خَواطِرُ في أَمرِ الرِّزقِ وفي مُراءاةِ الخلَقِ وفي غَيرِ ذَلكَ وَلَيسَ مَلُوماً وَلا مَأثُوماً عَليها إِذا كاَنَ كَارِهاً لَها  وَمجُتَهِداً في نَفيِهَا مِن قَلبِهِ.

فـصـلٌ

وَلتَكُن لَكَ -أيُّها المُريدُ- عِنايَةٌ تَامَّةٌ بِصُحبةِ الأَخيارِ وَمُجالَسَةِ الصَّالِحينَ الأَبرارِ. وَكُن شَديدَ الحِرصِ علَى طَلبِ شَيخٍ صَالِحٍ مُرشِدٍ نَاصِحٍ، عَارِفٍ بِالشَّريعَةِ، سَالِكٍ لِلطَرِيقَةِ، ذَائِقٍ لِلحَقِيقَةِ، كَامِلِ العَقلِ وَاسِعِ الصَّدرِ، حَسَنِ السِّيَاسَةِ عاَرِفٍ بِطبَقاتِ النَّاسِ مُمَيِّزٍ بَينَ غَرائِزِهِم وَفِطَرِهِم وَأَحوَالِهِم.
فَإِن ظَفِرتَ بِهِ فَألقِ نَفسَكَ عَليهِ وَحَكِّمهُ في جمَيعِ أُمورِكَ وَارجِع إِلى رَأيِهِ وَمَشُورَتِهِ في كُلِّ شَأنِكَ وَاقتَدِ بِهِ في جَميعِ أَفعَالِهِ وَأَقوَالِهِ إِلاَّ فِيمَا يَكونُ خَاصّاً مِنها بِمَرتَبةِ المَشيَخَةِ، كَمُخالَطَةِ النَّاسِ وَمُداَرَاتِهم وَدَعوَةِ القَريبِ والبَعيدِ إَلى الله وَمَا أَشبَهَ ذَلكَ فَتُسَلِّمُهُ لَهُ، وَلا تَعتَرِض عَليهِ في شَيءٍ مِن أَحوَالِهِ لا ظَاهِراً ولا بَاطِناً وَإِن وَقَعَ في قَلبِكَ شيءٌ مِنَ الخَواطِرِ في جِهَتِهِ فاجتَهِد في نَفْيِهِ عَنكَ فَإِن لَم يَنتَفِ فَحَدِّث بِه الشَّيخَ لِيُـعَرِّفَكَ وَجهَ الخَلاصِ مِنهُ، وَكَذلِكَ تُخبِرَهُ بِكُلِّ ما يَقَعُ لَكَ خُصوصاً فِيما يَتعَلَّقُ بِالطَّريقِ.
وَاحذَر أَن تُطيعَهُ في العَلانِيَةِ وَحَيثُ تَعلَمُ أَنَّهُ يَطَّلِعُ عَليكَ وَتَعصِيهِ في السِّرِّ وَحَيثُ لا يَعلَمُ فَتَقعُ في الهَلاكِ.
وَلا تَجتَمِعَ بِأَحدٍ مِنَ المَشايِخِ المُتَظاهِرينَ بِالتَّسلِيكِ إِلاَّ عَن إِذنِهِ، فَإِن أَذِنَ لَكَ فاحفَظ قَلبَكَ وَاجتَمِع بَمَن أَرَدتَ وَإِن لمَ يَأذَن لَكَ فَاعلَم أَنَّهُ قَد آثَرَ مَصَلَحَتَكَ فَلا تَتَّهِمَهُ وَتَظُنَّ بِهِ الحَسدَ وَالغَيرَةَ، مَعَاذَ الله أَن يَصدُرَ عَن أَهلِ الله وَخاصَّتِهِ مِثلُ ذَلِكَ.
وَاحذَر مِن مُطالَبَةِ الشَّيخِ بِالكَرَامَاتِ وَالمُكَاشَفَةِ بِخَوَاطِرِكَ فَإِنَّ الغَيبَ لا يَعلَمُهُ إِلاَّ الله، وَغَايَةُ الوَلِيِّ أَن يُطلِعَهُ اللهُ علَى بَعضِ الغيُوبِ في بَعضِ الأَحيان، وَرُبَّما دَخَلَ المُريدُ علَى شَيخِهِ يَطلُبُ مِنهُ أَن يُكاشِفَهُ بِخاطِرِهِ فَلا يُكاشِفَهُ وَهُوَ مُطَّلِعٌ عَليهِ وَمُكاشَفٌ بِهِ صِيَانَةً لِلسِرِّ وَسَتراً لِلحالِ فَإِنَّهُم رَضِيَ الله عَنهُم أَحرَصُ النَّاسِ علَى كِتمانِ الأَسرارِ وَأَبعَدُهُم عَنِ التَّظاهُرِ بِالكرَاماتِ والخَوارِقِ وَإِن مُكِّنُوا مِنها وَصُرِّفُوا فِيها.
وَأكثَرُ الكرَاماتِ الوَاقِعَةِ مِنَ الأَولِيَاءِ وَقعَت بِدونَ اِختِيَارِهِم، وَكاَنوا إِذا ظَهرَ عَليهُم شَيءٌ مِن ذَلِكَ يُوصونَ مَن ظَهرَ لَهُ أَن لا يُحَدِّثَ بِهِ حَتَّى يَخرُجُوا مِنَ الدُّنيا، وَرُبَّما أَظهَرُوا مِنها شَيئاً اختِيَاراً لِمَصلحَةٍ تَزيدُ علَى مَصلَحةِ السِّترِ.
وَاعلَم أَنَّ الشَيخَ الكَامِلَ هُوَ الذِّي يُفِيدُهُ بِهِمَّتِهِ وَفِعلهِ وَقَولِهِ وَيحَفَظُهُ في حُضورِهِ وَغَيبَتِهِ وَإِن كانَ المُريدُ بَعيداً عَن شَيخِهِ مِن حَيثُ المَكانُ، فَليَطلُب مِنهُ إِشارَةً كُلِّيَةً فِيما يَأتي مِن أَمرِهِ وَيترُكُ. وَأَضرُّ شَيءٌ  عَلى المُريدِ تَغَيُّرِ قَلبَ شَيخِهِ عَليهِ وَلَو اجتَمعَ علَى إصلاحِهِ بَعدَ ذَلِكَ مَشايخُ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ لمَ يَستَطيعُوهُ إِلاَّ أَن يَرضَى عَنهُ شَيخُهُ.
وَاعلَم أَنَّهُ يَنبَغي لِلمُريدِ الذَّي يَطُلبُ شَيخاً أَن لا يُحَكِّمَ في نَفسِهِ كُلَّ مَن يُذكَرُ بِالمَشيَخَةِ وَتَسلِيكِ المُريدينَ حَتَّى يَعرِفَ أَهلِيَّتَهُ وَيَجتمِعَ عَليهِ قَلبُهُ، وَكذَلِكَ لا يَنبَغي للِشَيخِ إِذا جاءَ المُريدُ يَطلُبُ الطَّرِيقَ أَن يَسمَحَ لَهُ بِها مِن قَبلِ أَن يَختَبِر صِدقَهُ في طَلَبِهِ، وَشِدَّةِ تَعَطُّشِهِ إِلى مَن يَدُلُّهُ علَى رَبِّهِ.
وَهذَا كُلُّهُ في شَيخِ التَّحكِيمِ، وَقَد شَرَطُوا عَلى المُريدِ أَن يَكونَ مَعهُ كَالَمِّيتِ بَينَ يَدَيِّ الغَاسِلِ وَكالطِّفلِ مَعَ أُمَّهِ، وَلا يَجرِي هَذا في شَيخِ التَّبَرُّكِ، وَمَهمَا كَانَ قَصدُ المُريدِ التَّبَرُّكَ دُونَ التَّحكِيمِ فَكُلَّما أَكثَرَ مِن لِقاءِ المَشايِخِ وَزِيارَتِهم وَالتَّبرُّكَ بِهم كَان أَحسَنَ.
وَإذا لَم يَجِدِ المُريدُ شَيخاً فَعَليهِ بِمُلازَمَةِ الجِدِّ وَالاجتِهادِ مَعَ كَمالِ الصِّدقِ في الاِلتِجاءِ إِلى الله وَالاِفتِقارِ إِليهِ في أَن يُقَيِّضَ لَهُ مَنْ يُرشِدُهُ، فَسَوفَ يُجِيبُهُ مَن يُجِيبُ المُضطَرَّ، وَيَسُوقُ إِليهِ مَن يَأخُذُ بِيَدِهِ مِن عِبادِهِ.
وَقَد يَحسِبُ بَعضُ المُريدينَ أَنَّهُ لا شَيخَ لَهُ فَتَجِدَهُ يَطلُبُ الشَّيخَ وَلَهُ شَيخٌ لَم يَرَهُ، يُرَبِّيهِ بِنَظَرِهِ وَيُرَاعيهِ بِعَينِ عِنايَتِهِ وَهُوَ لا يَشعُرُ، وَعِندَ التَـناصُفِ مَا ذَهبَ إِلاَّ الصِّدقُ، وَإِلاَّ فَالمَشايِخُ المُحَقِّقُونَ مَوجُودونَ، وَلكِن سُبحانَ مَن لَم يَجعلِ الدَّلِيلَ عَلى أَولِيَائِه إِلاَّ مِن حَيثُ الدَّليِلُ عَليهِ وَلمَ يُوصِل إِليهِم إِلاَّ مَن أَرادَ أَن يُوصِلَهُ إِليهِ.

تـَتِـمَّـةٌ

وَإِذا أَردتَ -أيُّها المُريدُ-مِن شَيخِكَ أَمراً أَو بَدا لَكَ أَن تَسأَلَهُ عَن شَيءٍ فَلا يَمنَعُكَ إِجلالِهِ وَالتَّأدُّبُ مَعَهُ عَن طَلَبِهِ مِنهُ وَسُؤَالِهِ عَنهُ، وَتَسأَلُهُ المَرَّةَ وَالمرَّتينِ وَالثَّلاثَ، فَلَيسَ السُّكوتُ عَنِ السُّؤاَلِ وَالطَّلبِ مِن حُسنِ الأَدَبِ، اللَّهُمَّ إِلاَّ أَن يُشيرَ عَليكَ الشَّيخُ بِالسِّكوتِ وَيَأمُرَكَ بِتَركِ السُّؤالِ، فَعِندَ ذَلكَ يَجِبُ عَليكَ اِمتِثالُهُ.
وَإِذا مَنعَكَ الشَّيخُ عَن أَمرٍ أَو قَدَّمَ عَليكَ أَحداً فَإِيَّاكَ أَن تَتَّهِمَهُ، وَلْتَكُن مُعتَقِداً أَنَّهُ قَد فَعَلَ مَا هُوَ الأَنفَعُ وَالأَحسنُ لَكَ، وَإذا وَقَع مِنكَ ذَنبٌ وَوَجدَ عَليكَ الشَّيخُ بِسَبَبِهِ فَبادِر بِالاِعتِذارِ إِليهِ مِن ذَنبِكَ حَتَّى يَرضَى عَنكَ.
وَإِذا أَنكَرتَ قَلبَ الشَّيخِ عَليكَ كَأَن فَقَدتَ مِنهُ بِشراً كُنتَ تَأَلَفُهُ أَو نَحوَ ذَلكَ، فَحَدِّثهُ بِما وَقعَ لَكَ مِن تَخَوُّفِكَ تَغَـيُّرَ قَلبِهِ عَليكَ فَلـَعلَّهُ تَغَـيَّرَ عَليكَ لِشيءٍ أَحدَثتَهُ فَتَتُوبَ عَنهُ، أَو لَعَلَّ الذِّي تَوَهَّمتَهُ لَم يَكُن عِندَ الشَّيخِ وَأَلقاهُ الشَّيطانُ إِليكَ لِيَـسُوءَكَ بِهِ، فَإِذا عَرَفتَ أَنَّ الشَّيخَ رَاضٍ عَنكَ سَكَنَ قَلبُكَ بِخلافِ مَا إِذا لَم تُحَدِّثهُ وَسَكَتَّ بِمَعرِفةٍ منِكَ بِسلامةِ جِهَتِكَ.
وَإِذا رَأيتَ المُريدَ ممُتَـلِئاً بِتَعظِيمِ شَيخِهِ وَإِجلالِهِ مُجتَمِعاً بِظاهِرِهِ وَبَاطِنهِ عَلى اِعتِقادِهِ وَامتِثالِهِ وَالتَّأَدُّبِ بِآدابِهِ فَلا بُدَّ أَن يَرِثَ سِرَّهُ أَو شَيئاً مِنهُ إِن بَقِيَ بَعدَهُ.







خاتمـة
نذكر فيها شيئاً من أوصاف المريد الصادق

قَالَ بَعضُ العَارِفينَ رَضِيَ الله عَنهُم وَنَفَعنا بِهم أَجمَعين:
        v   لاَ يَكُونُ المُريدُ مُرِيداً حَتَّى يَجِدَ في القُرآنِ كُلَّ مَا يُريدُ، وَيَعرِفَ النُّقصَانَ مِنَ المَزيدِ، وَيَستَغنِي بِالمَولى عَنِ العَبِيدِ، وَيَستَوِي عِندَهُ الذَّهبُ وَالصَّعيدُ.
        v   المُرِيدُ مَن حَفِظَ الحُدودَ، وَوَفَّى بِالعُهُودِ، وَرَضِيَ بِالمَوجُودِ، وَصَبَرَ عَنِ الَمفقُودِ.
        v   المُريدُ مَن شَكَرَ عَلى النَّعماءِ، وَصَبرَ علَى البَّلاءِ، وَرَضِيَ بِمُرِّ القَضاءِ، وَحَمَدَ رَبَّهُ في السَّراءِ والضَّراءِ، وَأَخلَصَ لَهُ في السِّرِّ وَالنَّجوَى.
       v  المُريدُ مَن لاَ تَستَرِقُّهُ الأَغيَارُ، وَلا تَستَعبِدُهُ الآثارُ، وَلا تَغلِبُهُ الشَّهوَاتُ، وَلا تَحكُمُ عَليهِ العَاداتُ. كَلامُهُ ذِكرٌ وَحِكمةٌ، وَصَمتُهُ فِكرَةٌ وَعِبرَةٌ، يَسبِقُ فِعلَهُ قَولَهُ وَيُصَدِّقُ عِلمَهُ عَمَلُهُ، شِعارُهُ الخُشوعُ وَالوَقاَرُ، وَدِثاَرُهُ التَّواضُعُ وَالاِنكِسارُ، يَتَّبِعُ الحَقَّ وَيُؤثِرُهُ، وَيَرفُضُ الباطِلَ وَيُنكِرُهُ، يُحِبُّ الأَخيارَ وَيُوالِيهِم، وَيَـبْغَضُ الأَشرارَ وَيُعادِيهِم، خُبْرُهُ أَحسنُ مِن خَبَرِهِ، وَمُعَاشَرَتُهُ أَطيَبُ مِن ذِكرِهِ، كَثِيُر المَعُونَةِ، خَفِيفُ المَؤُونَةِ، بَعيدٌ عَنِ الرُّعُونةِ. أَمينٌ مَأمُونٌ، لا يَكذِبُ وَلا يَخونُ، لاَ بَخيلاً وَلا جَباناً، وَلا سَبَّاباً ولا لَعَّاناً، وَلا يَشتَغِلُ عَن بُدِّهِ، وَلا يَشِحُّ بِما في يَدِهِ، طَيِّبُ الطَّوِيَّةِ، حَسَنُ النِّيِّةِ، سَاحَتُهُ مِن كُلِّ شَرٍّ نَقِيَّةٌ، وَهِمَّتهُ فيما يُقَرِّبهُ مِن رَبِّهِ عَلِيَّةٌ، وَنَفسُهُ عَلى الدُّنيا أَبِيَّةٌ، لا يُصِرُّ علَى الهَفوَةِ، وَلا يُقدِمُ وَلا يُحجِمُ بِمُقتَضى الشَّهوَةِ، قَرِينُ الوَفَاءِ وَالفُتُوَّةِ، حَلِيفُ الحَياءِ وَالمرُوَّةِ، يُنصِفُ كُلَّ أَحدٍ مِن نَفسِهِ وَلا يَنتَصِفُ لَها مِن أَحَدٍ. إِن أُعطِيَ شَكَرَ، وَإِن مُنِعَ صَبَرَ، وَإِن ظَلَمَ تَابَ وَاستَغفَرَ، وَإِن ظُلِمَ عَفا وَ غَفَرَ، يُحِبُّ الخُمُولَ وَالاِسِتتَارَ، وَيَكرَهُ الظُّهورَ وَالاِشتِهارَ، لِسَانَهُ عَن كُلِّ مَا لا يَعنيِهِ مَخزونٌ، وَقَلبَهُ علَى تَقصِيرهِ في طاعةِ رَبِّهِ مَحزُونٌ، لاَ يُداهِنُ في الدِّينِ وَلا يُرضي المَخلوقِيَنَ بِسَخطِ رَبِّ العَالمِينَ، يَأنَسُ  بِالوِحدَةِ وَالاِنفِرادِ، وَيَستَوحِشُ مِن مُخالَطَةِ العِبادِ، وَلا تَلقَاهُ إِلاَّ عَلى خَيرٍ يَعمَلُهُ، أَو عِلمٍ يُعَلِّمهُ، يُرجَي خَيرُهُ، وَلا يُخشَى شَرُّهُ، وَلا يُؤذِي مَن آذاهُ، وَلا يَجفُو مَن جَفَاهُ، كَالنَّخلةِ تُرمَى بِالحَجَرِ فَتَرمِي بِالرُّطَبِ، وَكَالأَرضِ يُطرَحُ عَليهَا كُلُّ قَبيحٍ وَلا يَخرُجُ مِنها إِلاَّ كُلُّ مَليحٍ، تَلوحُ أَنوارُ صِدقِهِ علَى ظَاهِرِهِ، وَيَكادُ يُفصِحُ مَا يُرَى علَى وَجهِهِ عَمَّا يُضمِرُ في سَرائِرهِِ، سَعيُهُ وَهِمَّتُهُ في رِضَا مَولاهُ، وَحِرصَهُ ونَهمَتُهُ في مُتابَعَةِ رَسُولِهِ وَحَبِيبِهِ وَمُصطَفاهُ، يَتَأَسَّى بِهِ في جَميعِ أَحوَالِهِ، وَيَقتدِي بِهِ في أَخلاقِهِ وَأَفعَالِهِ وَأَقوالِهِ، مُمتَثِلاً لأمرِ رَبِّهِ العَظِيمِ في كِتابِهِ الكَرِيم حَيثُ يَقولُ: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنهُ فَانْتَهُوا(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثيراً) ،     ( وَمَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله) ، (إِنَّ الذَّينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله) ، (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، (فَلْيَحْذَرِ الذَّينَ يُخالِفونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبُهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
فَتَرَاهُ في غَايَةِ الحِرصِ عَلى مُتابَعَةِ نَبِيِّهِ مُمْتَثلاً لأَمرِ رَبِّهِ وَرَاغِباً في الوَعدِ الكَريمِ وَهارِباً مِنَ الوَعِيدِ الأَلِيمِ الوَارِدَينِ في الآياتِ الَّتي أَورَدناها وَفِيما لَم نُورِدُهُ مِمَّا هُو في مَعناها المُشتَمِلَةِ عَلى البِشارَةِ بِغَايَةِ  الفَوزِ وَالفَلاحِ للِمُتَّبِعينَ لِلرَّسولِ، وَعَلى النَّذارَةِ بِغايَةِ الخِزيِ وَالهَوانِ لِلمُخالِفِينَ لَهُ.
(اللَّهُمَّ) إِنَّا نَسأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنتَ الله الذّي لا إِلهَ إِلاَّ أَنتَ الحَنَّانُ الَمنَّانُ بَديعُ السَّمواتِ وَالأَرضِ يَا ذا الجَلالِ وَالإِكرَامِ أَن تَرزُقنا كَمالَ المُتابَعةِ لِعبدِكَ وَرَسولِكِ سَيِّدنا مُحمَّدٍ صلّى الله عَليهِ وَسَلَّم في أَخلاقِهِ وَأعمَالِهِ وأَقوالِهِ ظَاهِراً وَباطِناً وَتُحيينا وَتُميتَنا عَلى ذَلكَ بِرحمَتِكَ يا أَرحَمَ الرَّاحِمين.
(اللَّهُمَّ) رَبَّنا لَكَ الحَمدُ حمداً كَثيراً طَيِّباً مُبارَكاً فِيهِ كمَا يَنبَغي لِجَلالِ وَجهِكَ وَعَظيمِ سُلطانِك (سُبحانَكَ لاَ عِلمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمتَنا إِنَّكَ أَنتَ العَليمُ الحَكيمُ). (لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنتَ سُبحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).
                    

          تمت  هذهِ الرِّسالةُ لِلمُريدِ المَخصوصِ مِن رَبِّهِ المَجيدِ بِالتثبيتِ وَالَتأيِيدِ وَالتَسديدِ، وَكانَ بِحَمدِ اللهِ إِملاؤُها في سَبعِ لَيالٍ أَو ثَمانٍ مِن شَهرِ رَمضانَ سَنةَ إِحدى وَسَبعينَ وَأَلفٍ مِن هِجرَتِهِ صَلَّى الله عَليهِ وَسَلَّم تسليماً كثيراً والحَمدُ لله رَبِّ العَالَمينَ.

$

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق