الرسالة
الجامعة
و
التذكرة النافعة
المشتملة
على ما لا بد من التوحيد والفقه والتصوف على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،
حمداً يوافي نعمه، ويكافئ مزيده، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة). وقال
صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيها علماً سلك الله به طريقاً إلى
الجنة).
وبعد: فهذه مسائل مختصرة من بعض كتب حجة الإسلام
الغزالي غالباً، من عرفها وعمل بها، نرجو له من الله أن يكون من أهل العلم ظاهراً
وباطناً وبالله التوفيق.
أركان الإسلام خمسة:شهادة
أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان،
وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً، مع الإخلاص والتصديق، فمن لم يكن مخلصاً فهو
منافق، ومن لم يكن مصدقاً بقلبه فهو كافر. وأصل الإيمان أن تعتقد أن الله تعالى
موجود وأنه تعالى واحد، لا شريك له، ولا مِثل له، ولا شِبه له، (ليس كمثله شيء
وهو السميع البصير). خلق السماوات و الأرض، وخلق الموت والحياة والطاعة
والمعصية والصحة والسقم وجميع الكون وما فيه، وخلق الخلق وأعمالهم، وقدر أرزاقهم
وآجالهم، لا تزيد ولا تنقص، ولا يحدث حادث إلا بقضائه وقدره وإرادته. وأنه تعالى
حي عالم مريد قادر متكلم سميع بصير (يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور) و(يعلم
السر وأخفى) (خالق كل شيء) (وهو الواحد القهار) وأنه تعالى بعث
سيدنا محمداً عبده ورسوله إلى جميع الخلق لهدايتهم، ولتكميل معاشهم ومعادهم، وأيده
بالمعجزات الظاهرة، وأنه عليه الصلاة والسلام صادق في جميع ما أخبر به عن الله
تعالى من الصراط، والميزان، والحوض، وغير ذلك من أمور الآخرة، والبرزخ، ومن سؤال
الملكين، وعذاب القبر ونعيمه، وأن القرآن وجميع
كتب الله المنزلة حق والملائكة حق، والجنة حق، والنار حق، وجميع ما جاءنا
به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حق.
فصل: فروض الوضوء ستة:
الأول: النية،
الثاني: غسل الوجه وحدّه من منابت شعر الرأس إلى منتهى اللحيين والذقن
طولاً وعرضاً من الأذن إلى الأذن، الثالث: غسل اليدين إلى
المرفقين، الرابع: مسح شيء من بشرة الرأس أو شعر في حده، الخامس:
غسل الرجلين مع الكعبين، السادس: الترتيب على هذه
الكيفية وإن كان عليه جنابة من مجامعة أو خروج مني بنوم
أو غيره لزمه غسل جميع بدنه مع نية رفع الجنابة.
فصل:
و
ينقض الوضوء الخارج من أحد
السبيلين القبل أو الدبر على ما كان، وينقض الوضوء زوال
العقل بنوم أو غيره إلا نوم ممكن
مقعدته من الأرض، وينقض الوضوء مس قبل أو دبر آدمي منه أو من غيره ببطن
الكف وبطون الأصابع كبيراً كان أو صغيراً و لو ولده و لو ميتاً، وينقض الوضوء التقاء
بشرتي رجل و امرأة كبيرين أجنبيين بلا حائل إلا ظفراً أو شعراً أو سناً فلا
ينقض الوضوء، ويشترط لصحة الصلاة معرفة دخول الوقت بيقين أو
اجتهاد أو غلبة ظن فإن صلى مع الشك لم تصح صلاته،
و
يشترط معرفة القبلة،
و
يجب ستر العورة
بساتر طاهر مباح، و يجب رفع النجاسة
من الثوب و البدن و المكان، و يجب على القادر
أن يصلي الفرض قائماً.
فروض الصلاة:
النية، وتكبيرة الإحرام مع النية، وقراءة الفاتحة بالبسملة
والتشديدات الأربع عشرة، وإخراج الضاد من الظاء، وليس في الفاتحة ظاء، ثم الركوع،
ويجب أن ينحني، بحيث تنال راحتاه ركبتيه ويطمئن فيه وجوباً
حتى تسكن أعضاؤه، ثم الاعتدال و يطمئن
فيه
وجوباً، ثم السجود
مرتين و الجلوس بين السجدتين،
ويطمئن وجوباً في الكل، ويفعل باقي الركعات كذلك،
والتشهد الأول وقعوده سنة، والتشهد الأخير و
الجلوس فيه فرض، والصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم بعد التشهد و قبل السلام فرض، و السلام
من
الصلاة فرض، و أقل
السلام السلام عليكم.
وأقل التشهد الواجب:
التحيات لله سلامٌ عليك أيها النبي و رحمة الله و
بركاته سلامٌ علينا و على عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله و أن
محمداً عبده و رسوله. و أقل
الصلاة على النبي صلى الله
عليه و سلم: اللهم صل على محمد، وينبغي أن يأتي بالسنن جميعها وهي كثيرة جداً، وينبغي
الاعتناء بالإخلاص و هو العمل لله
وحده، وينبغي الحضور، وهو أن يعلم بما يقول ويفعل، والخشوع وهو سكون الأعضاء و حضور القلب، وتدبر القراءة و
تفهمها، فإنما يتقبل الله من الصلاة بقدر الحضور، ويحرم الرياء في
الصلاة و غيرها و هو العمل لأجل الناس، ويبطل الصلاة الكلام
عمداً و لو بحرفين و ناسياً إن كثُر، ويبطلها العمل الكثير
كثلاث خطوات، والأكل، والشرب، وانكشاف العورة إن
لم تستر حالاً، ووقوع النجاسة إن لم تُلق حالاً من غير حمل، ويبطلها سبق الإمام
بركنين فعليين، وكذا التخلف بهما بغير عذر، ولا تصح الصلاة
خلف كافر وامرأة وخنثى. والجمعة فرض عين على كل مسلم ذكر حر حاضر بلا عذر
شرعي كالمرض و المطر.
ومن شروط الجمعة
الخطبتان: وأركانهماحمد الله تعالى،
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والوصية بالتقوى،
وقراءة آية من القرآن في إحداهما، والدعاء للمؤمنين في
الأخيرة، ويجب أن يخطب قائماً متطهرا ًمستور العورة، و يجب
الجلوس بينهما فوق طمأنينة الصلاة، والموالاة.
وصلاة الجماعة،
وصلاة الجنازة، فرض كفاية. والعيدان والكسوفان والوتر سنن مؤكدات. وكذا رواتب الصلاة
والضحى والتراويح سنن لها فضل وثواب عظيم.
وأما الصوم:
وهو الثالث من أركان الإسلام، فهو إمساك معروف على وجه مخصوص، منه النية لكل يوم و
تبييتها من الليل، والإمساك عن المفطرات من الطعام و الشراب والجماع والاستمناء بمباشرة
والاستقاءة بالاختيار.
ومن تمام الصوم:
كف الجوارح عما يكرهه الله تعالى من الأعضاء السبعة الآتي ذكرها. ففي الحديث:
"خمس يفطرن الصائم: الكذب، والغيبة، والنميمة، واليمين الكاذبة، والنظر
بشهوة". ومن تمام الصوم: تحري الإفطار على حلال، وعدم الاستكثار
من الأكل، وينبغي الاستكثار من الصوم لا سيما الأيام الفاضلة في الشرع،
و
الله أعلم و
بالله التوفيق.
وأما الزكاة:
وهي
رابع أركان الإسلام، فتجب على المسلم معرفة الأموال الواجبة فيها، وهي
النعم، والنقدان، والتجارة، والرِّكاز، والمعدن، والمعشرات -وهي الحبوب والثمار- فلا
زكاة فيما سوى النعم السائمة، ويشترط الحول لها، وكذلك يشترط للنقود والتجارة،
ويشترط في هذه الأنواع: النصاب أيضاً، وواجب النقدين، والتجارة ربع العشر، وواجب الحبوب و
الثمار التي سقيت بمؤنة نصف العشر و بغير مؤنة العشر.
وزكاة الفطر واجبة:
على كل مسلم إذا فضلت عن قوته وقوت من يقوته يوم العيد وليلته،
أربعة أمداد بمد النبي صلى الله
عليه وسلم، وتجب النية في الجميع، ولا يجوز أن يصرف الزكاة والفطرة إلا إلى حر
مسلم متصف بصفة أحد الأصناف الثمانية كالفقير والمسكين وكونه غير هاشمي ولا مطلبي
ولا مولى لهما ويجب استيعاب الموجودين منهم.
وأما الحج: فهو
خامس أركان الإسلام، وهو فرض على كل مسلم مكلف حر، وكذا العمرة في العمر مرة، بشرط
الاستطاعة، وهي أن يملك ما يحتاج إليه في سفره إلى الحج ذهاباً و إياباً، ونفقة من
تلزمه نفقته إلى رجوعه. و أعمال الحج ثلاثة أشياء: أركان،
وواجبات وسنن.
فالأركان خمسة: الإحرام،
وهو نية الدخول في الحج أو العمرة. ويستحب أن يقول مع ذلك نويت الحج أو العمرة وأحرمت
به لله تعالى ولا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره وهي شوال، وذو القعدة وعشر ذي
الحجة، وآخرها طلوع فجر ليلة النحر وباقي الأركان: الوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي،
والحلق والتقصير.
وأركان العمرة: هي
أركان الحج إلا الوقوف فليس منها، ويجب للطواف ستر العورة، والطهارة من الحدثين،
ومن النجاسة، وأن يكون سبع طوفات في المسجد والبيت عن يساره، وهو خارج عنه، ويجب أن يكون
السعي سبعاً، وبعد الطواف، وأن يبدأ بالصفا و يختم بالمروة.
وواجبات الحج: الإحرام
من الميقات، والمبيت بمزدلفة ليلة النحر، والمبيت ليالي التشريق بمنى، والرمي، وطواف
الوداع.
وأما السنن: فكل
ما سوى الأركان والواجبات، فمن ترك ركناً لم يصح حجه، ولا يحل من إحرامه حتى يأتي
به، ولا يجبره دم ولا غيره، وثلاثة من الأركان لا تفوته ما دام حياً وهي: الطواف،
والسعي، والحلق، ومن ترك شيئاً من الواجبات صح حجه، ولزمه دم، وعليه إثم إن لم
يُعذر، ومن ترك شيئاً من السنن، فلا شيء عليه، ولكن تفوته الفضيلة.
ويحرم ستر رأس
الرجل، ووجه المرأة المحرِمين، أو بعضهما، وإزالة الظفر، والشعر،
ودهن شعر الرأس واللحية، وتطيُّب جميع البدن.
ويحرم عقد النكاح والجماع ومقدماته، وإتلاف كل حيوان
بري وحشي مأكول. والمرأة كالرجل في المحرمات.
وحفظ القلب من
المعاصي واجب: على كل مسلم وكذا حفظ الأعضاء السبعة
فرض عين على كل مسلم. فمن معاصي القلب: الشك في الله
تعالى، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة
الله تعالى، والتكبر على عباد الله تعالى، و الرياء،
والعجب بطاعة الله تعالى، والحسد، والحقد على عبيد الله، ومعنى الحسد: كراهية
النعمة على المسلم، و استثقالها، ومنها: الإصرار على
معصية الله، والبخل بما أوجب الله تعالى، وسوء الظن بالله
وبخلق الله، والتصغير لما عظم الله من طاعة، أو
معصية، أو قرآن، أو علم، أو جنة، أو نار، وكل ذلك من المعاصي والخبائث المهلكات،
بل بعض ذلك مما يدخل في الكفر والعياذ بالله تعالى من
ذلك.
ومن طاعة القلب:
الإيمان بالله، واليقين، والإخلاص، والتواضع، والنصيحة للمسلمين، والسخاء، وحسن الظن،
وتعظيم شعائر الله، والشكر على نعم
الله، كالإسلام، والطاعة، وسائر النعم، والصبر على البلاء،
مثل الأمراض والمحن وموت الأحبة وفقد المال وتسلط الناس، والصبر على الطاعة، والصبر
عن المعاصي، والثقة بالرزق من الله، وبغض الدنيا، وعداوة النفس، والشيطان، ومحبة
الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته وأهل بيته، والتابعين، والصالحين، والرضا عن الله،
والتوكل عليه، وغير ذلك من الواجبات القلبية المنجية.
و أما معاصي الجوارح:
فمعاصي البطن مثل
أكل الربا، وشرب كل مسكر، وأكل مال اليتيم، وكل ما حرم الله
عليه من المأكولات والمشروبات، وقد لعن الله ورسوله آكل الربا، وكل من أعان على
أكله، ولعن شارب الخمر، وكل من أعان على شربه حتى البائع له.
و معاصي
اللسان كثيرة أيضاً: مثل الغيبة، وهي:
ذكرك أخاك المسلم بما يكره، و إن كنت صادقاً، والنميمة، والكذب، والشتم، والسب واللعن،
وغيرها.
ومعاصي العين: مثل
النظر إلى النساء الأجنبيات، ونظرِ العورات، والنظر بالاستحقار إلى
المسلم، والنظر في بيت الغير بغير إذنه.
ومعاصي الأذن: كالاستماع
إلى الغيبة، وغير ذلك من المحرمات.
ومعاصي اليد:
كالتطفيف في الكيل، والوزن، والخيانة، والسرقة، وسائر المعاملات المحرمة،
كالقتل والضرب بغير حق.
ومعاصي الرجل: المشي
في سعاية بمسلم أو قتله، أو ما يضره بغير حق، و غير ذلك من كل ما حرم المشي إليه .
و معاصي
الفرج: كالزنى، واللواط، والاستمناء باليد،
وغيرها من معاصي الفرج، والمعصية بكل
البدن كالعقوق للوالدين، والفرار من الزحف، وهو من الكبائر، وغير ما ذكر
مثل قطيعة الرحم، وظلم الناس، والله الموفق والمعين لما يحب ويرضى وصلى الله على
سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق