لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية الإمام عبد الوهاب الشعراني الجزء 3
-
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم)
أن نكرم العلماء ونجلهم ونوقرهم ولا نرى لنا قدرة على مكافأتهم ولو أعطيناهم جميع
ما نملك أو خدمناهم العمر كله وهذا العهد قد أخل به غالب طلبة العلم والمريدين في
طريق الصوفية الآن حتى لا نكاد نرى أحدا منهم يقوم بواجب حق معلمه وهذا داء عظيم
في الدين مؤذن باستهانة العلم وبأمر من أمرنا بإجلال العلماء صلى الله عليه وسلم
فصار أحدهم يفخر على شيخه حتى صار شيخه يداهنه ويمالقه حتى يسكت عنه فلا حول ولا
قوة إلا بالله العلي العظيم
وقد بلغنا عن الإمام النووي أنه دعاه
يوما شيخه الكمال الإربلي ليأكل معه فقال يا سيدي أعفني من ذلك. فإن لي عذرا شرعيا
فتركه فسأله بعض إخوانه ما ذلك العذر ؟ فقال أخاف أن تسبق عين شيخي إلى لقمة
فآكلها وأنا لا أشعر. وكان رضي الله عنه إذا خرج للدرس ليقرأ على شيخه يتصدق عنه
في الطريق بما تيسر ويقول اللهم استر عني عيب معلمي حتى لا تقع عيني له على نقيصة
ولا يبلغني عنه عن أحد رضي الله عنه. ثم من أقل آفات سوء أدبك يا أخي مع الشيخ أنك
تحرم فوائده فإما بكتمها عنك بغضا فيك وإما أن لسانه ينعقد عن إيضاح المعاني لك
فلا تتحصل من كلامه على شيء تعتمد عليه عقوبة لك فإذا جاءه شخص من المتأدبين معه
انطلق لسانه له لموضع صدقة وأدبه معه فعلم أنه ينبغي للطالب أن يخاطب شيخه
بالإجلال والإطراق وغض البصر كما يخاطب الملوك ولا يجادله قط بعلم استفادة منه في
وقت آخر على سبيل التعرف فيقول يا سيدي سمعناكم تقررون لنا أمس خلاف هذا فماذا
تعتمدون عليه من التقريرين الآن حتى نحفظه عنكم ؟ ونحو ذلك من الألفاظ التي فيها
رائحة الأدب وكذلك ينبغي له أن لا يتزوج امرأة شيخه سواء كانت مطلقة في حياته أو
بعد مماته وكذلك لا ينبغي له أن يسعى على وظيفته أو خلوته أو بيته بعد موته فضلا
عن حياته إلا لضرورة شرعية ترجح على الأدب مع الشيخ وكذلك لا ينبغي أن يسعى على
أحد من أصحاب شيخه أو جيرانه فضلا عن أولاده فإن الواجب على كل طالب أن يحفظ نفسه
عن كل ما يغير خاطر شيخه في غيبته وحضوره
وسيأتي في هذا الكتاب أيضا في أثناء عهود
البيع فراجعه وكذلك بسطنا الكلام بنقول العلماء على ذلك في عهود المشايخ. {والله
عزيز حكيم}
- روى ابن ماجه وابن خزيمة مرفوعا: إنما
يلحق المؤمن من علمه وعمله وحسناته بعد موته علم علمه ونشره
وروى مسلم وأبو داود والترمذي مرفوعا: من
دل على خير فله مثل أجر فاعله أو قال عامله
وروى البزار والطبراني مرفوعا: الدال على
خير كفاعله
وروى مسلم وغيره مرفوعا: من دعا إلى هدى
كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا
وروى الحاكم مرفوعا عن علي رضي الله عنه
في قوله تعالى: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا}. قال: علموا أهليكم الخير
والله تعالى أعلم
- (أخذ علينا
العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) إذا لم نعمل بعلمنا أن ندل
عليه من يعمل به من المسلمين وإن لم يكن ذلك يجبر خللنا على التمام فإن من الناس
من قسم له العلم ولم يقسم له عمل به ومنهم من قسم له العلم والعمل به ومنهم من لم
يقسم له واحد منهما كبعض العوام
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله تعالى
يقول: يتعين على كل من لم يعمل بعلمه أن يعلمه الناس ولمن يرجو عمله به. وسمعته
مرة أخرى يقول: ما ثم عالم إلا وهو يعمل بعلمه ولو بوجه من الوجوه ما دام عقله
حاضرا وذلك أنه إن عمل بالمأمورات الشرعية واجتنب المنهيات فقد عمل بعلمه بيقين
إذا رزقه الله الإخلاص فيه وإن لم يعمل بعلمه كما ذكرنا فيعرف بالعلم أنه خالف أمر
الله فيتوب ويندم فقد عمل أيضا بعلمه لأنه لولا العلم ما اهتدى لكون ترك العمل
بالعلم معصية فالعلم نافع على كل حال ويحمل ما ورد في عقوبة من لم يعمل بعلمه على
من لم يتب من ذنبه. وهو كلام نفيس
وملخص ذلك أنه لا يشترط في كون الإنسان
عاملا بعلمه عدم وقوعه في معصية كما يتبادر إلى الأذهان وإنما الشرط عدم إصراره
على الذنب أو عدم إصراره على الإصرار وهكذا
- روى أبو داود عن مكحول مرسلا قال: نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال بأبواب المساجد
والله تعالى أعلم
- (أخذ علينا
العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نكرم المساجد ولا نقضي
الحاجة قريبا من أبوابها في غير الأمكنة المعدة لذلك تعظيما وإجلالا لله تعالى
وهذا العهد يخل به كثير من الناس الذين حوانيتهم قريبة من أبواب المساجد فيتكلفون
دخول المساجد إن كانت مطهرته يدخل إلى مجازها منه لأجل خلع نعالهم إذا دخلوا
المسجد أو لكونها دورة عليهم ونحو ذلك ؟ وهذا الفعل من أقبح ما يكون وليتأمل أحدهم
إذا أراد أن يدخل قصر السلطان لا يقدر يبول قط على باب قصره هيبة للسلطان وخوفا من
خدامه فالله تعالى أحق بذلك
وسيأتي زيادة على ذلك في العهد الثالث
عشر بعد هذا فراجعه
وكان سيدي عليا الخواص رحمه الله إذا
أراد أن يدخل المسجد يتطهر خارجه أو في بيته ولا يدخل قط محدثا ليتوضأ في الميضأة
التي هي داخل المسجد خوفا أن يدخل محدثا وكان إذا دخل المسجد يصير يرتعد من الهيبة
حتى يقضي الصلاة فيخرج مسرعا ويقول الحمد لله الذي أطلعنا من المسجد على سلامة.
فقلت له أنتم بحمد الله في حضور مع الله تعالى داخل المسجد وخارجه. فقال: يا ولدي
قد طلب الحق تعالى منا في المسجد آدابا لم يطلبها منا خارجه وانظر إلى نهيه صلى
الله عليه وسلم الجالس في المسجد عن تشبيك الأصابع وعن تقليب الحصى ونحو ذلك تعرف
ما قلناه فإن الشارع صلى الله عليه وسلم لم ينهنا عن ذلك في غير المسجد. ورأى رضي
الله عنه مرة شخصا من الفقراء يمشي بتاسومة طاهرة في صحن المسجد فزجره ونهاه عن
ذلك وقال تورع في اللقمة أحوط لك
وقام له شخص مرة في المسجد فزجره زجرا
شديدا وقال: [[إن العبد إذا عظم في حضرة الله تعالى ذاب كما يذوب الرصاص حياء من
الله تعالى أن يشاركه في صورة التعظيم والكبرياء]]. وكان إذا جاء إلى المسجد لا
يتجرأ أن يدخل وحده بل يصبر على الباب حتى يأتي أحد فيدخل وراءه تبعا له ويقول: [[المسجد
حضرة الله تعالى ولا يبدأ بالجلوس بين يدي الله تعالى قبل الناس إلا المقربون
الذين لا خطيئة عليهم ولا تدنست جوارحهم قط بمعصية أو وقعوا وتابوا منها توبة
نصوحا كالأولياء الذين سبقت لهم العناية الربانية بالولاية الكبرى في عدم العدم
وعلموا بالكشف الصحيح أن الله تعالى قبل توبتهم وبدل سيئاتهم حسنات بحيث لم يبق
عندهم سيئة يستحضرونها ومتى استحضروها فليعلموا أن توبتهم معلولة لكونها لم تبدل
سيئاتهم حسنات إذ لو بدلت لم يبق لها صورة في الوجود ولا في ذهنهم ولا في الخارج.
قال: [[ولست أنا من أحد هذين الرجلين فما لي وللدخول قبل الناس. {والله غفور رحيم}
- في بعض طرق حديث جبريل في سؤاله عن
الإيمان والإسلام في غير طرق الصحيحين: [[وأن تغتسل من الجنابة وتتم الوضوء]].
الحديث. ورواه ابن خزيمة في صحيحه بهذا السياق
وروى الشيخان مرفوعا: إن أمتي يدعون يوم
القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل
قال الحافظ عبدالعظيم المنذري: وقد قيل
إن قوله [[فمن استطاع]] الخ ليس من كلام النبوة وإنما هو مدرج من كلام أبي هريرة
موقوف عليه ذكره غير واحد من الحفاظ
وروى ابن خزيمة في صحيحه مرفوعا: [[إن
الحلية تبلغ من المؤمن مواضع الطهور]]. وفي رواية [[تبلغ الحلية من المؤمن حيث
يبلغ الوضوء]]. والحلية: هو ما يتحلى به أهل الجنة من الأساور ونحوها وكان أبو
هريرة رضي الله عنه إذا توضأ مد يده حتى تبلغ إبطه
وروى ابن ماجه وابن حبان في صحيحه أنهم
قالوا: يا رسول الله: كيف تعرف أمتك ممن لم يرك ؟ قال: [[إنهم يأتون يوم القيامة
غرا محجلين بلقا من آثار الوضوء]]
وروى الإمام أحمد بإسناد حسن في
المبايعات: أن رجلا قال: [[يا رسول الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين نوح
إلى أمتك]] ؟ قال: هم غر محجلون من آثار الوضوء ليس ذلك لأحد غيرهم قال: [[وأعرفهم
أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم وتسعى بين أيديهم أنوارهم]]
وروى مسلم ومالك مرفوعا إذا توضأ العبد
المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع
آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع
آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرجت خطاياه وكل خطيئة مشتها رجلاه مع قطر الماء أو
مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب
وفي رواية لمسلم وغيره مرفوعا: من توضأ
فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره
وفي رواية بإسناد على شرط الشيخين للحاكم
مرفوعا: ما من امرئ يتوضأ فيحسن وضوءه إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة الأخرى
حتى يصليها
وروى البزار بإسناد حسن أن عثمان رضي
الله عنه كان يسبغ الوضوء في شدة البرد ويقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: [[لا يسبغ عبد الوضوء إلا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر]]
وروى أبو يعلي والبزار والحاكم وقال صحيح
الإسناد على شرط مسلم مرفوعا: إسباغ الوضوء في المكاره وإعمال الأقدام إلى المساجد
وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا
وروى الطبراني مرفوعا: من أسبغ الوضوء في
البرد الشديد كان له كفلان من الأجر
وروى الإمام أحمد وغيره مرفوعا: من توضأ
ثلاثا فذلك وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي
والله تعالى أعلم
- (أخذ علينا
العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نسبغ الوضوء صيفا وشتاء
امتثالا لأمر الله واغتناما للأجر الوارد في ذلك في الشتاء ولأنه ربما استلذت
الأعضاء بالماء البارد في الصيف فيبالغ المتوضئ في الإسباغ لحظ نفسه فينبغي أن
يتنبه المتوضئ لمثل ذلك ويسبغ امتثالا للأمر لا لاستلذاذ الأعضاء بالماء وهذا سر
أمر الشارع لنا بالوضوء ليقول العبد لنفسه إذا استلذ بالماء في الصيف وادعت أنها
مخلصة في ذلك إنما هذا لحظ نفسك بدليل نفرتك من إسباغ الوضوء في الشتاء فلو كان
إسباغك الوضوء في الصيف امتثالا لأمر الله لكنت تسبغين ذلك في الشتاء من باب أولى
لأنه وعدك بالأجر عليه أكثر وهذا الأمر يجري مع العبد في أكثر المأمورات الشرعية
فيفعلها العبد بحكم العادة مع غفلته عن امتثال الأمر وعن شهود الشارع فيفوته معظم
الغرض الذي شرعت تلك الطاعة له وهو الفوز بمجالسة الشارع في امتثال أوامره واجتناب
نواهيه فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ ناصح يرشده إلى تخليص العمل لله
من حظ النفس. {والله عليم حكيم}
- روى ابن ماجه بإسناد صحيح والحاكم وقال
صحيح على شرطهما وابن حبان في صحيحه مرفوعا: استقيموا ولن تحصوا أعمالكم واعلموا
أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ عليها إلا مؤمن
قلت أي مؤمن بأنه في حضرة الله على
الدوام إذ الإيمان يتخصص في كل مكان بحسبه فإذا جاء عقب قول من ينكر البعث مثلا لا
يؤمنون فمعناه لا يؤمنون بالبعث وإذا جاء ذلك عقب قول من ينكر الحساب فمعناه لا
يؤمنون بيوم الحساب وهكذا القول في نحو حديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن
أي بأن الله يراه فلو آمن بأن الله يراه
على الكشف والشهود حال الزنا ما قدر على الزنا فافهم فلا يلزم من نفي الإيمان بشيء
من التكاليف مثلا نفي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وغير ذلك ويحتمل أن يكون
المراد نفي سائر صفات الإيمان لكون الإيمان كله كالجزء الواحد إذا انتفى بعضه
انتفى كله كما قالوا في الإيمان بالرسل أنه إذا لم يؤمن ببعض الرسل لا يصح له
إيمان. والله تعالى أعلم
وروى الطبراني مرفوعا: حافظوا على الوضوء
وتحفظوا من الأرض فإنها أمكم وإنها ليس أحد عاملا عليها خيرا أو شرا إلا وهي مخبرة
به
وروى الإمام أحمد بإسناد حسن مرفوعا:
لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء. يعني ولو كانوا غير محدثين
وروى ابن خزيمة في صحيحه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: [[يا بلال بم سبقتني إلى الجنة ؟ إني دخلت البارحة الجنة
فسمعت خشخشتك أمامي]] فقال بلال يا رسول الله: [[ما أذنت قط إلا صليت ركعتين وما
أصابني حدث قط إلا توضأت عنده]] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا بلغت.
ومعنى خشخشتك أمامي أي رأيتك مطرقا بين يدي كالمطرقين بين يدي ملوك الدنيا قاله
الشيخ محي الدين في الفتوحات المكية. والله تعالى أعلم
وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه مرفوعا:
من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات
قال الحافظ عبدالعظيم رحمه الله وأما
الحديث الذي يروى مرفوعا: الوضوء على الوضوء نور على نور. فلا يحضرني له أصل من
حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولعله من كلام بعض السلف. والله تعالى أعلم
- (أخذ علينا
العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نحافظ على دوام الوضوء
وعلى تجديده لنكون مستعدين لقبول الواردات الإلهية فإن صدقته تعالى على عباده لا
تنقطع ليلا ولا نهارا ومن كشف الله تعالى عن بصيرته وجد نفسه جالسا بين يدي الله
تعالى على الدوام وهذا أمر يتأكد فعله على أكابر العلماء والصالحين لأن معظم
الواردات الإلهية في العلوم الظاهرة والباطنة تنزل عليهم وقد أغفل ذلك كثير منهم
وممن رأيته على هذا القدم من أولياء
العصر الشيخ محمد بن عنان والشيخ داود والشيخ محمد العدل ومن أكابر الدولة بمصر
الأمير محي الدين بن أبي الأصبغ ووالده الأمير يوسف ومن المباشرين عبدالقادر
الزرمكي ومن التجار جلال الدين بن فاقوسة ومن العلماء أخي العبد الصالح شمس الدين
الشربيني وصاحبه الشيخ صالح السملي ومن جماعة الوالي الحاج أحمد القواس حتى إنه
سمع شخصا نائما أخرج ريحا في المسجد فامتنع من النوم في المسجد خوفا أن يخرج منه
ريح في النوم فإذا كان هذا يقع من الأمراء وغلمان الوالي فالعلماء والصالحون أولى
بالمواظبة على الطهارة
ورأيت سيدي محمد بن عنان إذا كان في
الخلاء وأبطأ عنه ماء الوضوء ضرب بيده على الحائط وتيمم حتى لا يمكث بلا طهارة وإن
لم تجز له الصلاة بذلك التيمم
وقد رأيت الشيخ تاج الدين الذاكر المدفون
بزاويته في حارة حمام الدود بمصر كلما يصلي بوضوئه صلاة ما يجدد الوضوء وكان لا
يدخل الخلاء إلا من الجمعة إلى الجمعة وبقية الأسبوع كله على طهارة ليلا ونهارا مع
أكله وشربه على حكم عادة الناس فسألت أصحابه عن ذلك فقالوا: كل شيء نزل جوفه احترق
من شدة الحال
وكان سيدي محمد بن عنان يقلل الأكل جدا
حتى لا يدخل الخلاء إلا قليلا ويقول: إن أحدنا مجالس لله على الدوام ولو لم يشعر
بذلك وإذا قال الملك لعبده تهيأ لمجالستي فإني أريد أنك تجالسني ثلاثة أيام مثلا فمن
أدبه أن يستعد لذلك بقلة الأكل والشرب وإلا لزمه أن يقوم من تلك الحضرة الشريفة
إلى البول والغائط وهو مكشوف السوءتين والشياطين حوله لا يقربه ملك وهو جالس في
مكان نجس على أقبح صورة وأنتن ريح وكذلك بلغنا عن الإمام البخاري أنه كان يقلل
الأكل حتى انتهى أكله إلى تمرة أو لوزة في كل يوم من غير ضرر
وكذلك بلغنا عن الإمام مالك أنه كان يأكل
كل ثلاثة أيام أكلة واحدة ويقول أستحي من ترددي للخلاء بين يدي الله تعالى ولما حج
أخي الشيخ أفضل الدين أحرم بالحج مفردا فمكث نحو خمسة عشر يوما لا يبول ولا يتغوط
يقول: أستحي من الله أن أقذر هذه الأرض المشرفة بشيء من فضلاتي
وكذلك رأيت أخي الشيخ أبا العباس الحريثي
رحمه الله كان لا يدخل الخلاء إلا قليلا فبهدى هذه الأشياخ يا أخي اقتد وقد أنشد
سيدي أبو المواهب من موشح:
أنت حاضر في الحضرة... ليت شعري هل تدري
فتحتاج يا أخي إلى شيخ يسلك بك حتى تعرف
عظمة الله تعالى وتعرف مقدار حضرته وأهلها وتصير يشق عليك مفارقتها حتى ترى الضرب
بالسيف أهون عليك من مفارقتها وإلا فمن لازمك التهاون بها لأنك لم تعرف للحضور مع
الله طعما والله يتولى هداك
- روى البخاري وغيره واللفظ له مرفوعا:
لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة. وفي رواية مسلم: [[عند كل صلاة]]
ورواية النسائي وابن ماجه وابن حبان في
صحيحه: لأمرتهم بالسواك مع الوضوء عند كل صلاة
وفي رواية الإمام أحمد بإسناد جيد
والبزار والطبراني: لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة كلما يتوضؤون
وفي رواية لأبي يعلي وغيره: لفرضت عليكم
السواك عند كل صلاة كما فرضت عليكم الوضوء
وروى أبو يعلي عن عائشة قالت: ما زال
النبي صلى الله عليه وسلم يذكر السواك حتى خشيت أن ينزل فيه قرآن
وروى النسائي وابن خزيمة وابن حبان في
صحيحه وغيرهم مرفوعا: السواك مطهرة للفم مرضاة للرب. وزاد الطبراني: ومجلاة للبصر
وروى الترمذي مرفوعا وقال حسن غريب: أربع
من سنن المرسلين: الحناء والتعطر والسواك والنكاح
وروى مسلم عن عائشة قالت: أول ما كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدئ به إذا دخل بيته السواك
وروى الطبراني ما كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يخرج من بيته لشيء من الصلوات حتى يستاك
وروى ابن ماجه والنسائي ورواته ثقات عن
ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ركعتين ثم ينصرف
فيستاك
وروى أبو يعلي مرفوعا: لقد أمرت بالسواك
حتى ظننت أنه ينزل علي فيه قرآن أو وحي
وفي رواية للإمام أحمد وغيره: حتى خشيت
أن يكتب علي. وفي رواية للطبراني: ما زال جبريل يوصيني بالسواك حتى خفت على أضراسي.
وفي رواية له: حتى خشيت أن يدردرني. أي يسقط أسناني
وروى البزار بإسناد جيد: إن العبد إذا
استاك ثم قام يصلي قام الملك خلفه فيستمع لقراءته فيدنو منه حتى يضع فاه على فيه
فما يخرج من فيه شيء من القرآن إلا صار في جوف الملك فطهروا أفواهكم للقرآن. قال
الحافظ المنذري والأشبه أن هذا موقوف
وروى أبو نعيم مرفوعا بإسناد جيد كما
قاله المنذري: لأن أصلي ركعتين بسواك أحب إلي من أن أصلي سبعين ركعة بغير سواك
وفي رواية أخرى بإسناد حسن: ركعتان
بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك
والأحاديث في ذلك كثيرة جدا. والله تعالى
أعلم
- (أخذ علينا
العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نواظب على السواك عند كل
وضوء. وعند كل صلاة وإن كان يقع منا كثيرا ربطناه في خيط في عنقنا أو عمامتنا إن
كانت على عرقية من غير قلنسوة فإن كانت على قلنسوة وشددنا عليها العمامة رشقناه في
العمامة من جهة الأذن اليسرى وهذا العهد قد أخل به غالب العوام من التجار والولاة
وحاشيتهم فتصير روائح أفواههم منتنة قذرة وفي ذلك إخلال بتعظيم الله وملائكته
وصالح المؤمنين. فضلا عن غير الملائكة والصالحين وما رأيت أكثر مواظبة ولا حرصا
على السواك من سيدي محمد بن عنان وسيدي شهاب الدين بن داود والشيخ يوسف الحريثي
رحمهم الله وكل ذلك من قوة الإيمان وتعظيم أوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله
عليه وسلم لا سيما وقد أكد صلى الله عليه وسلم في ذلك ولم يكتف بمجرد الأمر به مرة
واحدة فلازم يا أخي على السنة المحمدية لتجني ثمرة ثوابها في الآخرة فإن لكل سنة
سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم درجة في الجنة لا تنال إلا بفعل تلك السنة ومن
قال من المتهورين هذه سنة يجوز لنا تركها يقال له يوم القيامة وهذه درجة يجوز
حرمانك منها صرح بذلك الإمام أبو القاسم بن قسي في كتابة المسمى بخلع النعلين
وقد بلغنا عن الشبلي رحمه الله أنه احتاج
إلى سواك وقت الوضوء فلم يجده فبذل فيه نحو دينار حتى تسوك به ولم يتركه في وضوء
فاستكثر بعض الناس بذل ذلك المال في سواك فقال إن الدنيا كلها لا تساوي عند الله
جناح بعوضة فماذا يكون جوابي إذا قال لي لم تركت سنة نبيي ولم تبذل في تحصيلها ما
خصك الله به من جناح البعوضة فأعجزه ومضى وأظنك يا أخي لو طلب منك صاحب السواك
نصفا واحدا حتى يعطيه لك لتركت السواك وقدمت النصف وأنت مع ذلك تزعم أنك من أولياء
الله تعالى ومن المقربين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والله إنها دعوى لا
برهان عليها
وسيأتي ما يستفاد منه في الأحاديث أن
قليل العمل مع الأدب خير من كثير العمل من غير أدب
وقد كان سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله
عنه يقول لقراء القرآن: إياكم والغيبة والتكلم بالكلام الفاحش ثم تتلون القرآن فإن
حكم ذلك حكم من مس بألفاظ القرآن القذر ولا شك في كفره وهذا أمر قد عم غالب قراء
القرآن فلا يكاد يسلم منه إلا القليل حتى قال الفضيل بن عياض وسفيان الثوري قد صار
القراء يتفكهون في هذا الزمان بالغيبة وتنقيص بعضهم بعضا خوفا أن يعلو شأن أقرانهم
عليهم ويشتهرون بالعلم والزهد والورع دونهم وبعضهم يجعلها كالإدام في الطعام وهو
أخفهم إثما
ورأيت شخصا من المجاورين يقرأ كل يوم
ختمة وهو مع ذلك لا يكاد يذكر أحدا من المسلمين بخير إنما هو غيبة وازدراء فنهيته
عن ذلك فتركهم واشتغل بغيبتي فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فعظم يا أخي
سنة نبيك واستغفر الله من استهانتك بتركها فإنك لو صرحت بالاستهانة كفرت وحكم
الباطن عند الله تعالى في ذلك حكم الظاهر. {والله غفور رحيم}
- روى الطبراني مرفوعا: حبذا المتخللون
من أمتي قالوا وما المتخللون يا رسول الله ؟ قال المتخللون في الوضوء والمتخللون
من الطعام. أما تخليل الوضوء فالمضمضة والاستنشاق وبين الأصابع الحديث
وروى الطبراني مرفوعا وموقوفا وهو الأشبه:
تخللوا فإنه نظافة والنظافة تدعو إلى الإيمان والإيمان مع صاحبه في الجنة
وروى الطبراني مرفوعا: من لم يخلل أصابعه
بالماء خللها الله بالنار يوم القيامة. وفي رواية له مرفوعا: لتنتهكن الأصابع
بالطهور أو لتنتهكنها النار. وفي رواية له أيضا بإسناد حسن مرفوعا: خللوا الأصابع
الخمس لا يحشوها الله نارا. وقوله لتنتهكن: أي لتبالغن في غسلها أو لتبالغن النار
في إحراقها والنهك: المبالغة في كل شيء
وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا: ويل
للأعقاب من النار
وفي رواية للترمذي: ويل للأعقاب وبطون
الأقدام من النار
وروى الإمام أحمد رحمه الله أن النبي صلى
الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة فقرأ فيها سورة الروم فلبس بعضها فقال: إنما لبس
علينا الشيطان القرآن من أجل أقوام يأتون الصلاة بغير وضوء فإذا أتيتم الصلاة
فأحسنوا الوضوء
وفي رواية أنه تردد في آية فلما انصرف
قال: إن أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء فمن شهد الصلاة معنا فليحسن
الوضوء. والله سبحانه وتعالى أعلم
- (أخذ علينا
العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نخلل أصابع اليدين
والرجلين بالماء في كل طهارة اهتماما بأمر الشارع صلى الله عليه وسلم ولا نترك فعل
ذلك في وضوء ولا غسل وهذا العهد يخل به كثير من المتعبدين والعوام فينبغي إشاعة
ذلك بينهم في أوقات وضوئهم في المطاهر ليكون فاعل ذلك معدودا من رسل رسول الله صلى
الله عليه وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم يحب من يبلغ سنته التي اندرست إلى من
يجهلها من أمته ومن أحبه صلى الله عليه وسلم حشر معه لقوله صلى الله عليه وسلم:
يحشر المرء مع من أحب
ومن حشر مع النبي صلى الله عليه وسلم لا
يلحقه في مواقف يوم القيامة كرب
وقد نور الله تعالى قلب السلطان حسن فجعل
في كتاب وقف مدرسته بالرميلة بمصر وظيفة لمن يقف في أوقات الصلوات الخمس على
المطهرة ليعلم الناس ما يخلون به من أمر الشارع في وضوئهم بمدرسته فخلل يا أخي
أصابعك وبلغ ذلك إلى من يجهله والله يتولى هداك
- روى مسلم وأبو داود وابن ماجه مرفوعا:
ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية
يدخل من أيها شاء
زاد في رواية أبي داود: ثم يرفع طرفه إلى
السماء ثم يقول
فذكره وزاد في رواية له أيضا بعد قوله
ورسوله: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. الحديث
والأحاديث في أذكار أعضاء الوضوء وبعد
الوضوء محررة في كتب الفقه والله تعال أعلم
- (أخذ علينا
العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نواظب على أذكار الوضوء
الواردة في السنة ولا نتركها في وضوء واحد ونقولها بحضور تام ونستحضر معاصي كل عضو
عند غسله ونتوب منها مع الغسل ليطهر باطننا بالتوبة وظاهرنا بالماء فكما لا تكفي
طهارة الباطن عن الظاهر فكذلك لا تكفي طهارة الظاهر عن الباطن كما أشار إليه أمره
صلى الله عليه وسلم المتوضئ بالشهادتين فإن الماء يطهر الظاهر والشهادتين يطهران
الباطن فكأن المتوضئ أسلم إسلاما جديدا وتاب من ذنوبه كما تاب من أسلم من ذنب
الكفر فافهم
- روى الشيخان أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال لبلال: [[يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دق
نعليك بين يدي في الجنة ؟]] قال [[ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا
في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن اصلي]]
والدق بضم الدال هو صوت النعل حال المشي
والمعنى أني رأيتك مطرقا بين يدي كالمطرقين بين يدي الملوك والأمراء كما مر في عهد
المواظبة على الوضوء وإن اختلف لفظ الواقعة
وروى مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه
وابن خزيمة في صحيحه مرفوعا: ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل
بقلبه ووجهه عليهما ألا وجبت له الجنة
وفي رواية لأبي داود مرفوعا: من توضأ
فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه
قلت قواعد الشريعة تقتضي أن السهو محمول
عن العبد في صلاته: ولكن لما فرط العبد بعدم تفريغ نفسه من الشواغل قبل الدخول في
الصلاة ثم سها كان عليه اللوم ولو أنه فرغ نفسه ثم سها لم يكن عليه لوم. والله
أعلم. وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا: من توضأ نحو وضوئي هذا - يعني ثلاثا ثلاثا -
ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه. وفي رواية للإمام أحمد:
ثم صلى ركعتين أو أربعا
شك الراوي إلى آخر الحديث. والله تعالى
أعلم
- (أخذ علينا
العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نواظب على الركعتين بعد
كل وضوء بشرط أن لا نحدث فيهما أنفسنا بشيء من أمور الدنيا أو بشيء لم يشرع لنا في
الصلاة ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يسلك به حتى يقطع عنه الخواطر
المشغلة عن خطاب الله تعالى
واعلم أن حديث النفس المذموم ليس هو رؤية
القلب لشيء من الأكوان كما توهمه بعضهم فإنه ليس في قدرة العبد أن يغمض عين قلبه
عن شهود أنه في مكان قريب أو بعيد من بستان أو جامع أو غير ذلك فإن في حديث
الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: [[رأيت الجنة والنار في مقامي هذا]]
وكان ذلك في صلاة الكسوف فلو كان ذلك
يقدح في كمال الصلاة لما وقع له صلى الله عليه وسلم ذلك وحمل بعضهم ما وقع له صلى
الله عليه وسلم على قصد التشريع لأمته بعيد
وأما ما نقل عن عمر بن الخطاب رضي الله
عنه من تجهيز الجيوش في الصلاة فذلك لكماله لأن الكمل لا يشغلهم عن الله شاغل مع
أن ذلك كان في مرضاة الله تعالى
فاسلك يا أخي على يد شيخ ناصح يشغلك
بالله تعالى حتى يقطع عنك حديث النفس في الصلاة كقولك أروح لكذا أفعل كذا أقول كذا
أو نحو ذلك وإلا فمن لازمك حديث النفس في الصلاة ولا يكاد يسلم لك منه صلاة واحدة
لا فرض ولا نفل فاعلم ذلك وإياك أن تريد الوصول إلى ذلك بغير شيخ كما عليه طائفة
المجادلين بغير علم فإن ذلك لا يصح لك أبدا
وقد قال الجنيد يوما للشبلي وهو مريد: يا
أبا بكر إن خطر في بالك من الجمعة إلى الجمعة غير الله فلا تأتنا فإنه لا يجيء منك
شيء
قلت ومراده بغير الله تعالى غير ما لا
يرضيه من المعاصي وإلا فحضور الطاعات على القلب لا يقدح في السالك بالإجماع. {والله
يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}
- روى الشيخان مرفوعا: لو يعلم الناس ما
في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا. أي اقترعوا وفي
رواية للإمام أحمد مرفوعا: لو يعلم الناس ما في التأذين لتضاربوا عليه بالسيوف
وروى مالك والبخاري والنسائي وابن ماجه
أن أبا سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال لعبدالرحمن بن أبي صعصعة: إني أراك تحب
الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه
لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا أنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة
قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى
الله عليه وسلم: أي سمعت ما قلته لك بخطاب لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولفظ ابن خزيمة في صحيحه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يسمع
صوته أي المؤذن شجر ولا مدر ولا حجر ولا جن ولا إنس إلا شهد له
وفي رواية للإمام أحمد: يستغفر للمؤذن
منتهى أذانه ويستغفر له كل شيء رطب ويابس سمعه
وفي رواية للبزار: ويجيبه كل شيء رطب
ويابس
زاد في رواية للنسائي: وله مثل أجر من
صلى معه
قال الخطابي: ومدى الشيء: غايته والمعنى
أنه يستكمل مغفرة الله إذا استوفى وسعه في رفع الصوت فيبلغ الغاية من المغفرة إذا
بلغ الغاية من الصوت قال الحافظ المنذري ويشهد لهذا القول رواية يغفر له مد صوته
بتشديد الدال أي بقدر مد صوته قال الخطابي وفي وجه آخر وهو أنه كلام تمثيل وتشبيه
يريد أن المكان الذي ينتهي إليه الصوت لو يقدر أن يكون ما بين أقصاه وبين مقامه
الذي هو فيه ذنوب تملأ تلك المدى لغفرها الله له
وروى الإمام أحمد والترمذي مرفوعا: ثلاثة
على كثبان المسك يوم القيامة فذكرهم ورجل ينادي بالصلوات الخمس في كل يوم وليلة.
زاد في رواية الطبراني: ويطلب وجه الله وما عنده
وروى الطبراني مرفوعا: المؤذن المحتسب
كالشهيد المتشحط في دمه إذا مات لن يدود في قبره
وروى الطبراني في مجاميعه الثلاثة مرفوعا:
إذا أذن في قرية أمنها الله من عذابه ذلك اليوم
وفي رواية: أيما قوم نودي فيهم بالأذان
صباحا إلا كانوا في أمان الله حتى يمسوا وأيما قوم نودي فيهم بالأذان مساء إلا
كانوا في أمان الله حتى يصبحوا
وروى ابن ماجه والدارقطني والحاكم وقال
صحيح على شرط الشيخين مرفوعا: من أذن اثنتا عشرة سنة وجبت له الجنة وكتب له
بتأذينه في كل يوم ستون حسنة وبكل إقامة ثلاثون حسنة
وروى ابن ماجه والترمذي مرفوعا: من أذن
محتسبا سبع سنين كتب له براءة من النار. والله تعالى أعلم
- (أخذ علينا
العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نواظب على الأذان لكل
صلاة ولو سمعنا المؤذن وإن احتاج الناس إلى الأذان برفع الصوت أذنا لهم وليس لنا
أن نتعلل بالحياء لأن الحياء في مثل ذلك حياء طبيعي نفسي وليس في فعل المأمورات
الشرعية حياء وإنما الحياء المطلوب أن يترك العبد ما نهاه الله عنه فافهم وهذا
العهد يخل به كثير من الناس أصحاب الطبع اليابس فيقول له العامة أذن لنا يا سيدي الشيخ
فيقول أستحي وهذا ليس بعذر فإن كان يا أخي ولا بد لك من الحياء فاستح من الله أن
يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك فهذا هو الحياء الشرعي الذي يثاب عليه العبد
وكان من آخر من رأيته مواظبا على هذه
السنة الشريفة مولانا شيخ الإسلام الشيخ نور الدين الطرابلسي الحنفي ورفيقه السيد
الشريف الحطابي والشيخ محمد بن عنان والشيخ أبو بكر الحديدي والشيخ محمد بن داود
وولده الشيخ شهاب الدين والشيخ يوسف الحريثي رضي الله عنهم أجمعين فاعلم ذلك والله
يتولى هداك
- روى الشيخان وغيرهما مرفوعا: إذا سمعتم
المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها
عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة. الحديث وقوله فقولوا يعني عقب كل كلمة قالها لأن
الفاء للتعقيب وبه قال جماعة من العلماء. والله تعالى أعلم
وروى الإمام أحمد والطبراني مرفوعا: من
قال حين ينادي المنادي: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة النافعة صل على محمد
وارض عنا رضا لا سخط بعده استجاب الله دعوته
وروى أبو داود والنسائي وابن حبان في
صحيحه مرفوعا: من سمع المؤذن فقال مثل ما يقول فله مثل أجره. وفي رواية: من قال
مثل ذلك إذا سمع المؤذن وجبت له شفاعتي يوم القيامة. والله تعالى أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق